فصل: الشيخ عبد الخالق بن الزين بن محمد باقي المزجاجي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم **


 علماء الفرائض

 أبو عبد الله، الحسين بن محمد بن الوني الفرضي، الحاسب

كان إماما في الفرائض، وله فيه تصانيف كثيرة مليحة، أجاد فيها، وهو شيخ الخبري في علم الحساب والفرائض، وانتفع به، وبكتبه خلق كثير‏.‏

توفي شهيدا ببغداد، سنة إحدى ‏(‏3/ 161‏)‏ وخمسين وأربعمائة، في فتنة البساسيري؛ والوني‏:‏ نسبة إلى ون‏:‏ وهي قرية من أعمال قهستان‏.‏

 الشيخ عبد الباسط بن رستم بن علي بن علي أصغر القنّوجي

كان من علماء الهند‏.‏

ولد سنة 1159، أخذ العلوم عن أبيه، وبرع في الفنون النقلية والعقلية، خصوصا‏:‏ الحساب، والفرائض، وله في ذلك تصانيف مفيدة، وكان في زمانه أستاذ الأساتذة، وشيخ المشائخ‏.‏

تتلمذ عليه خلق كثير من علماء الهند، منهم‏:‏ سيدي الوالد، العلامة‏:‏ حسن بن علي القنوجي - رحمه الله - تشد إليه الرحال في طلب العلم من بلاد شاسعة، وتقصده الطلبة من كل فج عميق، وكان في الفرائض آية باهرة، درس وأفاد، وألف وأجاد، وتوفي في سنة 1223، ثلاث وعشرين ومائتين وألف الهجرية‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ زبدة الفرائض؛ ونظم اللآلي، في شرح ثلاثيات البخاري؛ وانتخاب الحسنات، في ترجمة أحاديث دلائل الخيرات؛ وأربعون حديثا ثنائيا، وشرحه المسمى‏:‏ بالحبل المتين، في شرح الأربعين؛ وعجيب البيان، في أسرار القرآن؛ وشفاء الشافية‏.‏

وكان له اليد الطولى في علم النحو، والصرف، والفقه، والأصول، والمنطق، له‏:‏ شرح على التهذيب، يعرف‏:‏ بشرح الفاضل القنوجي‏.‏

وكان سريع الكتابة، جيد الخط، يعظمه أهل عصره تعظيما بليغا، ويكرمه علماء وقته إكراما جليلا، تتلمذ عليه الشيخ، المفتي‏:‏ ولي الله الفرخ آبادي، صاحب‏:‏ المطر الثجاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج‏.‏

 علماء النجوم

 أبو معشر، جعفر بن محمد بن عمر البلخي، المنجم

المشهور، كان إمام وقته ‏(‏3 / 162‏)‏ في فنه، وله التصانيف المفيدة في علم النجامة‏.‏

منها‏:‏ المدخل، والزيج، والألوف، وغير ذلك، وكانت له إصابات عجيبة؛ مات في سنة 273‏.‏

والبلخي‏:‏ نسبة إلى بلخ‏:‏ وهي مدينة عظيمة من بلاد خراسان، فتحها الأحنف بن قيس التميمي، في خلافة عثمان - رضي الله عنه -، وهذا الأحنف‏:‏ هو الذي يضرب به المثل في الحلم‏.‏

 أبو الحسن، علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم

كان نديم المتوكل، ومن خواصه، وجلسائه المتقدمين عنده، ثم انتقل إلى من بعده من الخلفاء، ولم يزل مكينا عندهم، حظيا لديهم، يجلس بين يدي أسرتهم، ويفضون إليه بأسرارهم، ويأمنونه على أخبارهم، ولم يزل عندهم في المنزلة العلية، ثم اتصل بالفتح بن خاقان، وعمل له خزانة الكتب، أكثرها حكمة، وله أشعار حسنة، وعاش إلى أن خدم المعتمد على الله، توفي في سنة 275، بسر من رأى، وخلف جماعة من الأولاد، وكلهم‏:‏ نجباء، علماء، أدباء، ندماء‏.‏

 أبو الحسن، علي بن أبي سعيد عبد الرحمن بن يونس الصدفي، المصري

لمنجم المشهور، صاحب‏:‏ الزيج الحاكمي، المعروف‏:‏ بزيج ابن يونس، وهو في أربع مجلدات، بسط القول والعمل فيه، وما أقصر في تحريره، ولم يُر في الأزياج - على كثرتها - أطول منه، كان مختصا بعلم النجوم، متصرفا في سائر العلوم، وكان قد أفنى عمره في الرصد، والتسيير للمواليد، وعمل فيها مالا نظير له، وكان يقف للكوكب‏.‏

توفي في سنة 393، ودفن بداره، وصلي عليه في الجامع بمصر‏.‏

 أبو عبد الله، محمد بن جابر بن سنان الحراني، الحاسب

المنجم المشهور، صاحب‏:‏ الزيج الصابي، له الأعمال العجيبة، والأرصاد المتقنة، وكان أوحد عصره في فنه، وأعماله تدل على غزارة فضله، وسعة علمه‏.‏

توفي سنة 317، بموضع يقال له‏:‏ قصر الحضر‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ ولم أعلم أنه أسلم، لكن اسمه يدل على إسلامه، وله‏(‏3/ 163‏)‏من التصنيفات‏:‏ الزيج، وهي نسختان، الثانية‏:‏ أجود، وكتاب‏:‏ معرفة مطالع البروج، فيما بين أرباع الفلك، في مقدار الاتصالات، وشرح أربع مقالات بطليموس‏.‏

 علماء الحرمين

 الشيخ علي بن محمد بن عريق، عالم المدينة المنورة

وخطيب مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان نائبا منابَ أبيه في العلم، والعمل، والتقوى، له تصانيف مفيدة‏.‏

منها‏:‏ كتاب تنزيه الشريعة، عن الأحاديث الموضوعة؛ لخصه تلميذه‏:‏ الشيخ رحمة الله السندي، وهو في غاية اللطف من الاختصار‏.‏

 الشيخ أبو الحسن، البكري، المصري، الشافعي

من آل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، كان جامعا بين العلم والعمل، وهو ممن اتفقوا على‏:‏ ولايته، وجلالته، وبلوغه رتبة الاجتهاد؛ لا يفارق الكتاب من يده، وينظر فيه دائما؛ سُئل عن شرب القهوة - وذُكر له أن المغاربة يحرمونه -‏؟‏ فقال‏:‏ كيف يُدعى بالحرام، وأنا أشرب منها‏؟‏

تتلمذ عليه الشيخ علي المتقي، وسمع منه الحديث، وأخذ عنه الطريقة؛ وكان ولده‏:‏ محمد البكري شاعرا مفلقا جيدا، له‏:‏ تأليف في التوحيد، سماه‏:‏ تأبيد المنة، بتأييد السنة‏.‏

توفي محمد المذكور في سنة 991‏.‏

ولمحمد ولد، يسمى‏:‏ زين العابدين؛ كان عالما كبيرا؛ ومن مقالاته‏:‏ إن أبا بكر أفضل من علي، ولكن المحبة والانجذاب شيء آخر، وهذا مذهبي، ومواهبنا كلها على يدي سيدنا علي - رضي الله تعالى عنه ‏.‏-

 الشيخ أبو بكر بن سالم اليمني، الحضرمي

هو ممن جمع بين، العلم، والحال، والولاية، والسيادة؛ له كلام عال، وشعر حسن، يُنبئ عن حاله ومقامه‏:‏ ‏(‏3/ 164‏)‏

فلولا وجود السر ما كان كائن ** فتمت بذاك السر كل البرية

تمسك بنا والزم دقائق حسّنا ** وزرني بصرف الود تسعد بزورتي

ولي شرف المصطفى سيد الورى ** بنسبته فقنا جميع الخليقة

وصلي على الهادي النبي وآله ** وأصحابه والتابعين بجملة

 الشيخ شهاب الدين، أحمد بن الحجر المكي، الهيتمي

كان أعظم علماء عصره، وفقهاء دهره؛ لم يكن له نظير في الفقاهة في زمانه‏.‏

قال الشيخ عبد الحق الدهلوي‏:‏ لا نسبة له بالشيخ ابن حجر العسقلاني الكبير في علم الحديث، ولكن يحتمل أن يكون في الفقه مثله‏.‏

تتلمذ على الشيخ‏:‏ زكريا المصري، الآخذ عن الحافظ‏:‏ ابن حجر العسقلاني‏.‏

له مؤلفات ممتعة، منها‏:‏ شرح الشمائل للترمذي؛ وشرح الأربعين للنووي؛ وشرح المشكاة في الحديث؛ والزواجر عن اقتران الكبائر، وهو‏:‏ كتاب لم يؤلف مثله قبله؛ والصواعق المحرقة في الرد على الروافض؛ وشرح الهمزية في نعته - صلى الله عليه وسلم -؛ وشرح عين العلم في السلوك؛ وقلائد العقيان في مناقب النعمان‏.‏

توفي في سنة 975‏.‏ انتهى‏.‏

وكان له تعصب مع شيخ الإسلام‏:‏ ابن تيمية شديد، - عفا الله عنه ما جناه ‏.‏

 الشيخ أحمد أبو الحرام

كان من فقهاء المدينة وعلمائها، وكان في علم القراءة آية باهرة، وأستاذ الأساتذة في الديار الحرمية، مات ولده الفاضل الصالح في حياته، فحزن عليه حزنا شديدا، وبكى عند نزعه، فقال الولد‏:‏ لا تحزن علي، ابق أنت، فإن في بقائك نفع الخلق، وتلا هذه الآية‏:‏ ‏(‏فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض‏)‏‏.‏

مات - رحمه الله - في سنة 1001، ودفن بالبقيع‏.‏

 الشيخ محمد البهنسي

نسبة إلى‏:‏ قرية من قرى مصر، هاجر عنها إلى مكة المكرمة واستوطنها، وتتلمذ على الرملي‏:‏ تلميذ السيوطي، وكان يقول‏:‏ عملنا على كتب الأحاديث الصحاح؛ ويستنبط في المسائل الفقهية، ويجتهد‏.‏

لم أقف على عام ‏(‏3/ 165‏)‏ وفاته - رحمه الله ‏.‏

 السيد جعفر المدني

مدرس المسجد الشريف النبوي، كان يقول‏:‏ لما صنّف القسطلاني كتابه‏:‏ المواهب اللدنية، وأورد فيه النقول من كتب السير والأحاديث، قال له السيوطي‏:‏

نقلت هذه الأقوال من كتبي، ولم تسمّني ولا كتبي، وإن كنت نقلتها من غير كتبي، فأتني بأصولها‏؟‏ فعجز القسطلاني، وكان قد نقلها من كتب السيوطي، ولا يخلو ذلك من نوع خيانة، وعدم ديانة‏.‏ انتهى‏.‏

قلتُ‏:‏ وقد فَعلَ بكتبي مثل ذلك بعضُ أبناء الزمان أيضا، لا أُسمِّيه حياء من الله تعالى‏.‏

 الشيخ أحمد بن علي بن عبد القدوس بن محمد العباسي، الشناذي

تتلمذ في علم الحديث على‏:‏ الشيخ‏:‏ شمس الدين الرملي؛ وعلى‏:‏ والده؛ وعلى‏:‏ السيد غضنفر؛ وروى عن‏:‏ الشيخ‏:‏ محمد بن أبي الحسن البكري؛ وصحب‏:‏ السيد‏:‏ صبغة الله، ولبس منه الخرقة، وكان يقول‏:‏ لو كان الشعراني حيا، ما وسعه إلا اتباعي‏.‏

 الشيخ أحمد القشاشي بن محمد بن يونس الدجاني

والدجانة‏:‏ بتخفيف الجيم‏:‏ قرية من قرى بيت المقدس، كان يبيع القشاشة في المدينة المنورة، وهي سقط المتاع، يبيعها لستر حاله، وإخفاء أمره، وكان له اليد الطولى في علم الشريعة والحقيقة، صحب المشائخ الكثيرة، منهم‏:‏ الشيخ‏:‏ أحمد الشناذي، ولما وفد عليه قال‏:‏ مرحبا بمن جاء يقتبس منا علومنا‏.‏

ومن عجائب أحواله‏:‏ أنه تلا القرآن الكريم من أوله إلى آخره في المنام على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -‏.‏

قال الشيخ عيسى المغربي‏:‏ ما خرجت من عند القشاشي قط، إلا والدنيا في عيني أحقر من كل حقير، ونفسي أذل من كل ذليل، ولو تكرر دخولي عليه مرات‏.‏

توفي - رحمه الله - 19 ذي الحجة، سنة 1071‏.‏ ‏(‏3/ 166‏)‏

 السيد عبد الرحمن الإدريسي، الشهير‏:‏ بالمحجوب

ولد بمكناسة‏:‏ بلدة بمغرب، وساح الروم، والشام، ومصر، وجاور بمكة المكرمة، ورحل إلى اليمن لزيارة أوليائها، وقال‏:‏ اليمن ينبت فيها الأولياء، كما ينبت في الأرض البقل‏.‏

قلت‏:‏ وكذا، ينبت فيه العلماء بالكتاب والسنة أيضا، مثل نبات البقل من الأرض، وذلك من فضل الله تعالى على اليمن وما فيها، - والله يختص برحمته من يشاء -، وكان السيد المحجوب من مشائخ الحرمين، المعروف‏:‏ بالفضل، والكرامة، والولاية؛ ذكر له ترجمة حافلة في‏:‏ إنسان العين‏.‏

 الشيخ شمس الدين، محمد بن العلاء البابلي

حافظ الحديث في زمانه، أستاذ أهل الحرمين ومصر، أدرك ليلة القدر في بدء أمره، ودعا الله - سبحانه - بأن يجعله مثل الحافظ‏:‏ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى - فأجاب الله نداءه

وكان له روايات الصحيح للبخاري، وسائر الكتب الحديثة عن الشيخ‏:‏ سالم السهنوري، ومسلسلات صحيحة، ضبطها الشيخ‏:‏ عيسى المغربي في رسالة، وكأنها أصل لإثبات المتأخرين‏.‏

توفي في سنة 1079؛ وبابل‏:‏ قرية بمصر‏.‏

 الشيخ عيسى بن محمد بن محمد بن أحمد الجعفري

الهاشمي، الثعالبي، المغربي جار الله، أبو المهدي؛ حفظ القرآن، وبرع في علوم الأعيان، ورحل إلى جزائر، وصحب السلجماسي قريبا من عشر سنين، وتبحر عنده؛ وأخذ عن‏:‏ علماء قسطنطينية، ومصر، والحرمين؛ وتوطن بمكة المكرمة؛ له‏:‏ معجم، سماه‏:‏ مقاليد الأسانيد‏.‏

تتلمذ عليه جمهور أهل الحرمين الشريفين، وصار أستاذا لهم، وكان من أوعية الحديث والقراءة‏.‏

قال السيد حسن باعمر‏:‏ من أراد أن ينظر إلى شخص لا يشك في ولايته، فلينظر إلى هذا، وكان لا يعمل إلا بالسنة المطهرة، غلب عليه أحزاب الشاذلية‏.‏

ألّف لأبي حنيفة - رحمه الله - مسندا عنعن فيه اتصالا‏.‏

توفي - رحمه الله - في سنة ‏(‏3/ 167‏)‏ 1080 الهجرية‏.‏

 الشيخ إبراهيم الكردي

عارف بفنون العلم من‏:‏ الفقه، والحديث، والعربية، والأصلين‏.‏

وله تصانيف في ذلك كلها؛ رحل إلى بغداد، والشام، ومصر، والحرمين؛ وصحب القشاشي، وروى عنه الحديث؛ وكان يتكلم‏:‏ بالفارسي، والكردي، والتركي، والعربي؛ وكان متصفا‏:‏ بتوقد الذهن، والتبحر في العلم، والزهد، والصبر، والحلم، والتواضع؛ كان زيه زي عامة أهل الحجاز، ولم يكن يلبس لبس المتفقهة، ولا المتصوفة، ولا يختار هيئاتهم‏:‏ من تكبير العمامة، وتطويل الأكمام‏.‏

قال الشيخ عبد الله العباسي‏:‏ كان مجلسه روضة من رياض الجنة، وكان يرجح كلام الصوفية على الحقائق الحكمية، ويقول‏:‏ هؤلاء الفلاسفة، قاربوا عثورا على الحق، ولم يهتدوا إليه‏.‏

تاريخ وفاته‏.‏‏.‏‏.‏ - إنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون ‏.‏

 محمد بن محمد بن سليمان المغربي

كان حافظا للحديث، جامعا لفنون العلم، لبس الخرقة عن الشيخ‏:‏ أبي مدين المغربي، وجدّ واجتهد في تصحيح كتب الحديث، وأتقنها إتقانا كاملا، حتى صار إماما بالحرمين الشريفين، ومن ثقات الحفاظ - زاده الله بسطة في العلم، والجسم، والعقل المتعلق‏:‏ بالمعاد، والمعاش، على وجه الكمال -

لم يُذكر عام وفاته في‏:‏ إنسان العين‏.‏

 الشيخ حسن العجيمي

واحد من شيوخ الحديث، جامع لفنون العلم، فاق أقرانه في‏:‏ الفصاحة، والحفظ، وجودة الفهم؛ وصحب الشيخ عيسى المغربي، واستفاد منه كثيرا، وروى عن‏:‏ أحمد القشاشي، والبابلي، والشيخ‏:‏ زين العابدين بن عبد القادر الطبري - مفتي الشافعية -؛ وكان حنفيا، لكن يجمع بين الصلاتين في السفر، ويقرأ الفاتحة خلف الإمام، ولم يكن يلتزم مذهبا معينا في جميع الأمور، بل يُجوِّز التلفيق، وكانت في عينيه هنة، وكان مع ذلك إذا قرأ الحديث رُئي على وجهه الأنوار، وصار كأجمل من رئي في الدنيا، وذلك سر قوله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏نضَّر الله عبدا‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏3/ 168‏)‏‏.‏‏.‏ الحديث؛ ضبط أسانيده في رسالة يُعلم منها سعة علمه‏.‏

قال‏:‏ يقول الناس‏:‏ ولد العالم نصف العالم، وصدِّقوا، فإن العالم له نصفان‏:‏ عا، ولم، وليس لواحد منهما معنى، فكأنهم قالوا‏:‏ ولد العالم لا معنى له؛ يأتي كل رجب إلى المدينة المنورة، ومعه كتاب من الكتب الستة، يختمه في المسجد النبوي على طريق السرد؛ تتلمذ عليه الشيخ‏:‏ أبو طاهر المدني؛ وشيخ مسند الوقت‏:‏ الشاه، ولي الله، المحدث الدهلوي - رحمه الله تعالى -‏.‏

 الشيخ أبو طاهر، محمد بن إبراهيم الكردي، المدني

لبس الخرقة من أبيه، واستجاز له أبوه من مشائخ كثيرين، منهم‏:‏ الشيخ محمد بن سليمان المغربي؛ وأخذ النحو عن السيد‏:‏ أحمد بن إدريس المغربي، الذي كان سيبويه زمانه في العربية؛ واكتسب فقه الشافعي عن الشيخ‏:‏ علي الطولوني المصري؛ والمعقول عن‏:‏ المنجم الباشي، الرومي؛ والحديث عن الشيخ‏:‏ حسن العجيمي، وأحمد النخلي، والشيخ‏:‏ عبد الله البصري، والشيخ‏:‏ عبد الله اللاهوري؛ وكان مجتهدا في الطاعة، ومشتغلا بالعلم والمذاكرة، رقيق القلب، كثير البكاء‏.‏

قال في إنسان العين‏:‏ لما حضرتُ عنده للوداع إلى الهند، أنشدت بين يديه‏:‏

نسيت كل طريق كنت أعرفه ** إلا طريقا يؤديني لربعكم

فغلب البكاء على الشيخ، وتأثر تأثرا عظيما‏.‏

توفي - رحمه الله - في سنة 1145 الهجرية‏.‏

الشيخ‏:‏ تاج الدين الحنفي، القلعي، ابن القاضي‏:‏ عبد المحسن

كان مفتيا بمكة المكرمة، صحب كثيرا من مشائخ الحديث، وأخذ العلو منهم، وكلهم أجازوه، واستجاز له والده من الشيخ‏:‏ عيسى المغربي، وكان غالب تعلمه لعلم الحديث من الشيخ‏:‏ عبد الله بن سالم البصري‏.‏

قال‏:‏ عرضت عليه هذه الكتب على نهج البحث والتنقيح، وقرأت الصحيحين على العجيمي، وأجازني بجميع ما تصح له روايته‏.‏ ‏(‏3/ 169‏)‏

ولازم الشيخ صالح الزنجاني، واستفاد منه، وتفقه عليه، وحصل الرواية والإجازة عن الشيخ‏:‏ أحمد النخلي، والشيخ‏:‏ أحمد القطان، وغيرهما، وتعلم منهما طريق الدرس‏.‏

وله إجازة عن الشيخ‏:‏ إبراهيم الكردي، وعنه روى الحديث المسلسل بالأولية‏.‏

قال الشيخ‏:‏ ولي الله، المحدث الدهلوي - في إنسان العين -‏:‏ حضرت بمجلس درسه أياما حين كان يدرس البخاري، وسمعت عليه‏:‏ أطراف الكتب الستة، وموطأ مالك، ومسند الدارمي، وكتاب الآثار لمحمد، وأخذت الإجازة لسائر الكتب، وحدثني بالحديث المسلسل بالأولية عن الشيخ‏:‏ إبراهيم، وهو أول حديث سمعته منه بعد عودتي من زيارة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في سنة 1243‏.‏

قلت‏:‏ وكان والدي السيد‏:‏ أبو أحمد، الحسن بن علي بن لطف الله الحسيني، البخاري، القنوجي - قدس الله سره - قد تتلمذ على الشيخ‏:‏ عبد العزيز، والشيخ‏:‏ رفيع الدين، ابني الشيخ‏:‏ ولي الله، المحدث الدهلوي المذكور، ولي سند متصل إليه وإلى مشائخه بواسطة الشيخ‏:‏ محمد يعقوب المهاجر المكي حفيده، وكذا ينتهي سندي إلى القاضي‏:‏ محمد بن علي الشوكاني، بواسطة الشيخ‏:‏ عبد الحق بن فضل الله الهندي، المتوفي في سنة 1286 بمنا، وإلى السيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى مقبول الأهدل، ولذلك ذكرت تراجم مشائخي من أهل الحديث النبوي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الكتاب، وإجازاتي مكتوبة في كتابي‏:‏ سلسلة العسجد في ذكر مشائخ السند - وبالله التوفيق، وهو الهادي إلى سواء الطريق -‏.‏

 الشيخ محمد حياة السندي، المدني

كان من العلماء الربانيين، وعظماء المحدثين، قرن العلم بالعمل، وزان الحسن بالحلل‏.‏

واسم والده‏:‏ ملا فلاريه، من قبيلة‏:‏ جاجر، الساكنة في أطراف عادلبور‏:‏ بليدة من توابع بكر‏.‏ ‏(‏3/ 170‏)‏

ولد بالسند، ورحل إلى الحجاز، وحج، وتوطن مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتتلمذ على الشيخ‏:‏ أبي الحسن السندي - نزيل المدينة المكرمة -، وبرع في الحديث، وأخذ الإجازة عن‏:‏ خاتمة المحدثين، الشيخ‏:‏ عبد الله بن سالم البصري، وشد حزامه على درس الحديث النبوي، وأفنى عمره في خدمة الكلام المصطفوي، وكان يعظ الناس قبل صلاة الصبح بالمسجد الشريف، وانتفع به خلق كثير من العرب والعجم، وأقبل عليه‏:‏ أهل الحرمين، ومصر، والشام، والروم، والهند بالاعتقاد والانقياد، وعاش عيشة مرضية، ولقي الله - سبحانه - يوم الأربعاء، السادس والعشرين من صفر، سنة 1163، ودفن بالبقيع‏.‏

ومن تلامذته‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ غلام علي آزاد البلجرامي؛ والشيخ، المحدث، الفهامة‏:‏ محمد فاخر الإله آبادي؛ وغيرهما - رحمهما الله تعالى ‏.‏

 الشيخ صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله بن عمر بن موسى الفُلاّني

من ذرية العلامة، الحافظ‏:‏ عليم بن عبد العزيز الأندلسي، الشاطبي، أخي بني سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -؛ وإنما قيل له‏:‏ الفُلاّني، لأن آباءه نزلوا في دارهم واستوطنوها‏.‏

وفُلاّن - على ما في‏:‏ ‏(‏اليانع الجنيّ‏)‏، بضمّ الفاء وتشديد اللام -‏:‏ قبيلة من فُلاّنة - بالفوقية بدل النون -‏:‏ أُمَّة من السودان؛ وأرضه التي نشأ بها تُسمّى‏:‏ مَسُوف‏.‏

قال‏:‏ وكان الفلاّني فاضلا، دينا، صالحا، ذا أسانيد عالية، نفع الله به كثيرا من عباده‏.‏

توفي بالمدينة، ليلة الخميس، لخمس مضين من جمادى الآخرة، سنة ثماني عشرة ومائتين وألف - رحمه الله رحمة واسعة -‏.‏ انتهى كلام اليانع‏.‏

وأقول‏:‏ هو أستاذ الشيخ‏:‏ محمد عباد السندي، الآتي ذكره‏.‏

وله تصانيف حسنة ممتعة‏:‏

منها‏:‏ كتاب إيقاظ همم أولي الأبصار في رد، التقليد؛ وذكره شيخنا وبركتنا الشوكاني - رحمه الله - في الفتح الرباني، وأثنى عليه بالخير‏.‏ ‏(‏3/ 171‏)‏

قال محمد عابد - في ذكر إسناد الموطأ -‏:‏ أرويه عن العلامة الكبير، والأستاذ الشهير، الشيخ‏:‏ صالح الفُلاّني، عن شيخه‏:‏ محمد بن سنَّة، قرأه عليه قراءة بحث وتدقيق‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر الكلام‏.‏

ومن الاتفاقات‏:‏ أن الفُلاّني له شدة في فتّ عضد التقليد، وهمة كبيرة في اتباع السنة، لا يتصور عليها مزيد، وتلميذه الشيخ‏:‏ محمد عابد السندي له عصبية في الجمود على المذهب الحنفي، مع كونه معروفا بدرس الحديث، وهذا من غرائب الدنيا، وعجائب الدهر، بل - ولا غرو - فإن عمر الدنيا قد انصرم، وكثر الاختلاف، وذهب الائتلاف، وعم الفساد في البر والبحر، وسال به الوادي وطمّ، ولم ينجح من بليات التقليد وآفات الرأي إلا من عصمه الله وعليه رحم‏.‏

 الشيخ‏:‏ محمد عابد السندي بن أحمد بن علي بن يعقوب الحافظ

من بني أبي أيوب الأنصاري ولد ببلدة سِيْوَنْ‏:‏ وهي على شاطئ النهر، شمالي حيدر آباد السند، مما يلي بلدة بوبك؛ هاجر جده الملقب‏:‏ بشيخ الإسلام إلى أرض العرب، وكان من أهل العلم والصلاح؛ وأقام الشيخ‏:‏ محمد عابد بزبيد داره علم باليمن معروفة، واستفاد من علمائها، واقتبس من أشعة عظمائها، حتى عد من أهلها؛ ودخل صنعاء اليمن يتطبب لإمامهم، وتزوج ابنة وزيره، وذهب مرة سفيرا من إمام صنعاء إلى مصر، وكان شديد التحنن إلى ربوع طابة، وعاود مرة أرض قومه، فدخل نُواري‏:‏ بلدة بأرض السند، مما يلي بندر كراجي، وأقام بها ليالي معدودات، ثم عاد إلى المدينة الطيبة، ووُلّي رياسة علمائها من قبل والي مصر، وخلف من مصنفاته كتبا مبسوطة ومختصرة‏:‏

منها‏:‏ كتاب المواهب اللطيفة‏.‏ على مسند الإمام أبي حنيفة‏.‏

وكتاب‏:‏ طوالع الأنوار، على الدر المختار‏.‏

وكتاب‏:‏ شرح تيسير الوصول، إلى أحاديث الرسول، بلغ منه إلى كتاب ‏(‏3/ 172‏)‏ الحدود - لم يتمه -، يقال له‏:‏ شرح بلوغ المرام للحافظ ابن حجر‏.‏

وكان ذا عصبية للمذهب الحنفي، ولذلك تعقبه في بعض الرسائل له السيد، العلامة، أخونا‏:‏ أحمد بن حسن الحسيني القنوجي، البخاري، العرشي - رحمه الله -‏.‏

توفي محمد عابد يوم الإثنين، من ربيع الأول، سنة 1257، ودفن بالبقيع، ولم يخلف عقبا - رحمه الله ‏.‏

 علماء اليمن

 السيد يحيى بن عمر مقبول الأهدل

كان إماما في جميع العلوم، غلب عليه علم الحديث حتى نسب إليه، وله من الحفظ والاطلاعات شيء لا يمكن وصفه، وكان يحفظ معظم صحيح البخاري ومسلم، وكان له أسانيد ومشائخ شتى، وله السند العالي الذي هو أعلى ما يكون له في اليمن، أخذ الحديث عن جماعة من الحافظ، مثل‏:‏ السيد أبي بكر بن علي، والقاضي‏:‏ أحمد بن إسحاق جعيان، والشيخ‏:‏ عبد الله المزجاجي، وكان ذا همة، لا تجده إلا مشتغلا بعبادة‏:‏ إما مدرسا، أو تاليا للقرآن، أو مصليا؛ بعد صيته، وقصده الطلبة من بلاد شاسعة، وطلب منه الإجازة علماء عصره ما بين موافق ومخالف‏:‏

منهم‏:‏ شافعيُّ زمانه‏:‏ طه بن عبد الله السادة، من ذي جبلة؛ وعلماء صنعاء‏:‏ كالسيد، العلامة‏:‏ هاشم بن حسين الشامي، والسيد‏:‏ أحمد بن عبد الرحمن، والسيد‏:‏ محمد بن إسحاق بن المهدي، والعلامة‏:‏ إسحاق بن يوسف بن المتوكل، وإبراهيم ابن إسحاق المهدي؛ وعلماء الحرمين الشريفين كافة طلبوا منه الإجازة قبل وفاته - رحمه لله - بسنة، فأجازهم‏.‏

وله في بلدة زبيد تلامذة أعلام، منهم‏:‏ السيد‏:‏ أحمد بن محمد مقبول الأهدل، والشيخ يحيى بن أحمد الحكمي، وغيرهما؛ وقد أطال في ‏(‏النفس اليماني والروح ‏(‏3/ 173‏)‏ الريحاني‏)‏ في ترجمة‏:‏ زهده، وكرمه، وإحسانه إلى الوفود والقصاد، وصلابته في الدين، وصلاحه، وكراماته، وحرصه على تعلم العلم، واجتهاده في رمضان - لا نطول الكلام بإيرادها في هذا المقام -‏.‏

وكان يحسده جماعة من أقرانه، ممن له تعلق بالعلم، فسلبت منه هيبة العلم وأبهته، وليس له منه إلا الاسم، ولم يحملهم على هذا إلا الهوى، ولكن‏:‏

إذا رضيت عني كرام عشيرتي * فلا زال غضبانا علي لئامها

وما أحسن ما قيل‏:‏

جزى الله عنا الحاسدين فإنهم ** قد استوجبوا منا على فعلهم شكرا

أذاعوا لنا ذما فأفشوا مكارما ** وقد قصدوا ذما فصار لنا فخرا

ولله در العيني الحنفي، حيث قال في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -‏:‏

لله در الحسد ما أعدله ** بدأ بصاحبه فقتله

وله مصنفات مفيدة، منها‏:‏ كتاب في فضل ذوي القربى؛ ومنها‏:‏ القول السديد، فيما أحدث من العمارة بجامع زبيد‏.‏

وبالجملة‏:‏ كان سيدا علامة، وعلما فهامة، حافظ عصره بالاتفاق، ومحدث إقليمه بلا شقاق‏.‏

توفي ليلة الأربعاء، رابع عشر ربيع الآخر، سنة 1147، وهو ابن أربعة، أو ثلاثة وسبعين - كذا قال قبل موته بأحد عشر يوما -‏.‏

قال محمد المحبي - في خلاصة الأثر، في أعيان القرن الحادي عشر -‏:‏ معنى الأهدل‏:‏ الأدنى، الأقرب‏.‏

وفي‏:‏ نظام الجواهر النفيسة في بيان أنساب العصابة الأهدلية‏:‏ أصل هذه الكلمة‏:‏ على الله دل، وقيل غير ذلك - وهذا أصح -‏.‏

 أبو المحاسن، السيد‏:‏ سليمان بن يحيى المذكور

كان سرا لأبيه، وعالما، محدثا، كاملا، ذا بصيرة تنويه‏.‏

قرأ العلوم على والده، واستفاد من طريفه وتالده، وأخذ من مشائخ الحديث علما وافرا، وفضلا ظاهرا، منهم‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ أحمد بن محمد مقبول الأهدل، ‏(‏3/ 174‏)‏ والسيد‏:‏ سليمان بن أبي بكر هجام الأهدل، والشيخ‏:‏ عبد الخالق المزجاجي، والسيد‏:‏ عمر بن أحمد بن عقيل، والعلامة‏:‏ أحمد الأشبولي، ومشائخه‏:‏ من أهل اليمن، والحرمين، ومصر، والشام، وغيرهم، جمُّ واسع، سمَّاهم في ‏(‏النفس اليماني‏)‏، منهم‏:‏ الشيخ، الحافظ‏:‏ محمد حياة السندي، والشيخ‏:‏ حسن بن محمد الكردي، والشيخ‏:‏ محمد بن أحمد الجوهري، والشيخ‏:‏ محمد هلال سنبل - مفتي الشافعية -، والعلامة‏:‏ أبو الحسن المغربي، التنوسي‏.‏

ومنهم‏:‏ الإمام الكبير‏:‏ محمد بن أحمد بن سالم السفاريني‏.‏

وله‏:‏ كتاب الرحلة، سماه‏:‏ وشي حبر السمر، في شيء من أحوال السفر، ذكر فيه مشائخه‏.‏

توفي في سنة 1197؛ وقد اعتنى بترجمته من العلماء غير واحد، وامتدحه بعدة قصائد، منهم‏:‏ الشيخ‏:‏ عبد القادر كدك المدني، والعلامة الكبير‏:‏ أحمد بن محمد قاطن، في تاريخه المسمى‏:‏ ‏(‏إتحاف الأحباب بدمية القصر، الناعتة لمحاسن أهل العصر‏)‏، والشاعر المفلق‏:‏ أحمد بن عبد الله السعدي، في كتابه‏:‏ ‏(‏سرد النقول، في تراجم أعيان بني المقبول‏)‏، وغيرهم - رحمهم الله تعالى‏.‏

 الشيخ المعمر‏:‏ عبد الله بن عمر الخليل

كان بحرا في العلوم النقلية - ولا سيما الأدبية -، وفي الحساب، والمساحة، والهندسة، والهيئة، والحكمة‏.‏

قال‏:‏ اشتغلت بهذا مدة وأتقنتها، ولم أجد عنها سائلا، ولا لها حاملا - فلو كان الاشتغال بذلها بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وله نثر فصيح، ونظم بليغ، ومراجعات، ومناظرات، ومطارحات، ومفاكهات بينه وبين أدباء عصره‏.‏

وكان في عمر التسعين لا تراه إلا‏:‏ تاليا كتاب الله، أو مشغولا بذكر الله، أو مدرسا في العلوم النافعة، لا يزال هذا دأبه من أول النهار إلى حصة وافرة من الليل‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ ‏(‏تحذير المهتدين، عن تكفير الموحدين‏)‏ وذيّل على ‏(‏الحصن الحصين‏)‏، و‏(‏نظم نخبة الفكر، في مصطلح أهل الأثر‏)‏، و‏(‏نظم الرسالة الأثيرية‏)‏ في ‏(‏3/ 175‏)‏ علم المنطق، وشرحها، و‏(‏نظم قواعد الإعراب‏)‏، وشرحها، ومنظومة لقواعد القاموس، ومنظومة في الاستعارة، وحاشية على ‏(‏شرح إيساغوجي‏)‏‏.‏

وذكر من مشائخه‏:‏ رجلا من علماء الهند، من أكابر المحققين، يسمى‏:‏ حسام الدين، ولعله الشيخ‏:‏ علي المتقي‏.‏

توفي - رحمه الله تعالى - ليلة الخميس، قبل الفجر، في سنة 1196 الهجرية‏.‏

 الشيخ، الفقيه‏:‏ عبد الله بن سليمان الجوهري

كان من أعيان العلماء، وأعلام الفضلاء؛ مؤلفاته تقارب خمسين مؤلفا في‏:‏ الحديث، والفقه، والأصول؛ وكان رحب الصدر للتدريس، كريم الكف، واسع العطاء، كثير البكاء من خشية الله تعالى، غزير الكشف؛ تحكى عنه في ذلك أمور غريبة‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ شرح ‏(‏لبلوغ المرام‏)‏لم يكمله، وحاشية على ‏(‏المنهج القويم‏)‏ لابن حجر، و‏(‏بلوغ الأمل، في شرح المسائل الفاضلة - مع قلتها - على كثير العمل‏)‏، ورسالة في‏:‏ بيان دلالة قوله تعالى‏:‏ ‏(‏إنا زينا السماء الدنيا بمصابيح‏)‏ على الرد على أهل الهيئة، و‏(‏رسالة الخط‏)‏، و‏(‏شرح حزب الإمام النووي‏)‏، وحاشية على ‏(‏بداية الهداية‏)‏، إلى غير ذلك‏.‏

توفي في سنة 1301 - رحمه الله ‏.‏

 الشيخ‏:‏ أحمد حسن الموقري

المتوفى سنة 1301، كان عالما كبيرا، عارفا، سالكا، أليف المسجد، والمنزل بمعزل عن جميع الأنام، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏عليك بخويصة نفسك، وليسعك بيتك‏)‏‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏(‏ولا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏)‏؛ وله أشعار بليغة شرحوها، ولا يقدر أحد - ولو كان من أكابر العلماء - أن ينطق بلفظة عنده، إلا أن يتكلم هو هيبة من الله تعالى‏.‏

 الشيخ عبد الخالق بن الزين بن محمد باقي المزجاجي

نسبة إلى قرية من قرى الوادي بزبيد، كان مطلعا على أحوال العلماء، سيما الذين كانوا في عصره، خصوصا من وفد إليه من‏:‏ الحرمين، ومصر، والشام، والهند، والجاوة، وغيرهم‏.‏ ‏(‏3/ 176‏)‏

له‏:‏ ‏(‏إتحاف البشر، في القراءات الأربعة عشر‏)‏؛ تتلمذ على‏:‏ الشيخ‏:‏ محمد حياة المدني السندي - تلميذ الشيخ‏:‏ أبي الحسن السندي، مُحشِّي الأمهات الست -؛ وعلى والده‏:‏ الزين؛ والشيخ‏:‏ محمد أبي طاهر الكوراني؛ والشيخ، العلامة‏:‏ عبد الكريم الهندي، المكي؛ والشيخ‏:‏ أمر الله الهندي؛ وشيخ الطريقة‏:‏ كوشك الهندي؛ وحسين البخاري، الهندي؛ وغيرهم من جمع جم من‏:‏ علماء الحرمين الشريفين، ومصر، وغيرها؛ سرد أسماءهم في ‏(‏النفس اليماني، والروح الريحاني‏)‏‏.‏

 السيد‏:‏ أحمد بن محمد شريف مقبول الأهدل

كان من العلماء الراسخين، والعباد الزاهدين، له اليد الطولى في‏:‏ علم القراءات، والتفسير، والحديث، والفقه، والأصلين، والنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والمنطق، والحساب، والهندسة، والفلك، وغيرها‏.‏

اشتغل بجميع هذه العلوم حتى برع فيها، وحقق ظواهرها وخوافيها، وكان قد منحه الله ملكة تامة على حل صعاب المسائل، في أي فن من الفنون، إذا عرضت عليه المسألة الصعبة حلها بفهمه الثاقب، وفتح مغلقها برأيه الصائب، تتلمذ على‏:‏ خاله، السيد‏:‏ يحيى بن عمر مقبول الأهدل، وأخذ عنه التفسير والحديث، وكان السيد يحيى من الدعاة إلى العمل بما صح به الدليل، وإلى التغريب في الإقبال على علمي القرآن والسنة، وتفهم معانيهما، والتفقه في ذلك، وكان لسان حاله ينشد‏:‏

إذا اختار رجل الناس في الدين مذهبا ** وصيره رأيا وحققه فعلا

فإني أرى علم الحديث وأهله ** أحق اتباعا بل أسدهم سبلا

ورأيهم أولى وأعلى لكونهم ** يؤمون ما قال الرسول وما أملى

ثم إنه شارك شيخه في جميع مشائخه رواية وإجازة، وله‏:‏ شرح على الهمزية، وعلى النمازية، وعلى زيد بن رسلان، وعلى طلبة الطلبة، وغير ذلك‏.‏

 الشيخ علاء الدين المزجاجي

كان من العلماء الأكابر، أخذ العلم عن‏:‏ علماء اليمن، والحرمين، كالقاضي‏:‏ أحمد جعمان، والعلامة‏:‏ إبراهيم الكوراني، والشيخ‏:‏ ‏(‏3/ 177‏)‏ أحمد التحلي، والشيخ‏:‏ حسن العجيمي، والشيخ‏:‏ عبد الله بن سالم البصري، وغيرهم؛ وهو من مشائخ السيد أحمد الأهدل المذكور - رحمه الله تعالى -‏.‏

 الشيخ عبد الله بن سالم البصري، المكي

قارئ صحيح البخاري في جوف الكعبة المشرفة؛ له شرح عليه، عزَّ أن يُلقى في الشروح له مثال، لكن ضاق به الوقت عن الإكمال، سماه‏:‏ ‏(‏ضياء الساري‏)‏، وهذا الاسم موافق لعام الشروع في تأليفه، ترجم له آزاد في‏:‏ ‏(‏سبحة المرجان وتسلية الفؤاد‏)‏ ترجمة حافلة حسنة، وكذا الشيخ، المسند، الشاه‏:‏ ولي الله المحدث الدهلوي في‏:‏ ‏(‏إنسان العين‏)‏، وكذا معاصرنا، الشيخ‏:‏ محمد محسن - المرحوم - في كتابه‏:‏ ‏(‏اليانع الجني، في أسانيد الشيخ عبد الغني‏)‏‏.‏

ومن مناقبه‏:‏ تصحيح للكتب الستة، حتى صارت نسخة يرجع إليها من جميع الأقطار، ومن أعظمها‏:‏ صحيح البخاري، أخذ في تصحيحه نحوا من عشرين سنة، وجمع مسند أحمد بعد أن تفرق أيدي سبأ، وصححه، وصارت نسخته أُمَّا؛ أخذ علم الحديث عن جملة من المشائخ، منهم‏:‏ الحافظ‏:‏ محمد بن علاء الدين البابلي - رحمه الله -، والشيخ‏:‏ أحمد البنا، وغيرهما، وعنه أخذ‏:‏ السيد‏:‏ أحمد الأهدل - المذكور آنفا - أيضا‏.‏

توفي - رحمه الله - في سنة 1134 الهجرية‏.‏صفي الإسلام‏:‏ أحمد بن محمد النخلي، المكي

كان من أعيان العلماء الجامعين بين‏:‏ العلوم النقلية، والعقلية، والفروعية، والأصولية‏.‏أخذ عن عدة من العلماء، منهم‏:‏ العلامة، المحقق‏:‏ عبد الله بن سعيد باقشير، والحافظ‏:‏ محمد البابلي، وعليه مدار روايته؛ والشيخ، العلامة‏:‏ محمد بن علي ابن محمد بن علان الصديقي، والشيخ‏:‏ محمد بن محمد الشرنبلالي، المصري؛ ولبس الخرقة من السيد‏:‏ عبد الرحمن المحجوب‏.‏

عاش تسعين سنة - رحمه الله تعالى رحمة واسعة‏.‏

 السيد‏:‏ أبو بكر بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل

يا ليت شعري ما يعبر ناطق ** عن فضله العالي وعظم المنصب

أو ليس ذاك الماجد العلم الذي ** سفرت محاسنه ولم تتجلبب ‏(‏3/ 178‏)‏

أخذ العلوم العقلية والنقلية عن مشائخ عصره‏:‏

منهم‏:‏ السيد‏:‏ أحمد بن محمد شريف - المذكور -؛ والشيخ‏:‏ عبد الخالق المزجاجي؛ ومفتي زبيد، الفقيه، العلامة‏:‏ سعيد بن عبد الله الكيودي‏.‏وكان على جانب عظيم من‏:‏ لين الجانب، ورحب الصدر، وكمال التواضع، وبشاشة الوجه؛ وكان في حفظ كتاب الله عن ظهر قلب آية باهرة؛ وله شعر حسن، وكلام فصيح - رحمه الله تعالى -‏.‏

 السيد يوسف بن حسين البطاح

ثمال اليتامى والمساكين لم يزل ** أبا لهم يحنو عليهم ويرأف

وهمته استنباط حكم دليله ** شواهد نقل أو قياس مؤلف

أخذ التفسير، والحديث، والفقه، عن السيد‏:‏ أحمد الأهدل؛ واستفاد من الشيخ‏:‏ عبد الخالق المزجاجي، وغيره؛ وكان كثير المباحثة والمراجعة مع أهل عصره من أهل العلم؛ كتب له الإجازة‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ سليمان بن يحيى الأهدل، في شوال، سنة 1183 الهجرية‏.‏

 الشيخ‏:‏ عثمان بن علي الجبيلي

أخذ عن السيد‏:‏ أحمد الأهدل؛ والشيخ‏:‏ عبد الخالق المزجاجي؛ وقرأ‏:‏ ‏(‏شرح الجامي على الكافية‏)‏ و ‏(‏الشرح الصغير في المعاني‏)‏ للسعد، و ‏(‏شرح التهذيب‏)‏ للشيرازي، و ‏(‏شرح سبط المارديني على الياسمينية‏)‏ في الجبر والمقابلة؛ وبرع في العلوم كلها من‏:‏ الفقه، والحديث، والقراءة‏.‏

وتصدر للتدريس في سائر الفنون، لا سيما علم القراءة؛ له شعر حسن، وأخبار مأثورة؛ أطال في ترجمته في ‏(‏النفس اليماني، والروح الريحاني‏)‏‏.‏

 الشيخ عبد الرحمن بن محمد المشرع

المتوفى سنة 1195 الهجرية‏.‏

كريم له من نفسه بعض نفسه ** وسائره للمجد والشكر والفضل

أخذ عن مشائخ الوقت علوما عديدة، منهم‏:‏ السيد‏:‏ أحمد الأهدل، والمزجاجي، ‏(‏3/ 179‏)‏ والكبودي، وأحمد الأشبولي‏.‏

وكانت وفاته في قرية الروية‏:‏ من قرى وادي زبيد، بعد أن وعك أشهرا عديدة بالإسهال‏.‏

وكان شيخا كاملا مكملا، جيد الرأي، حسن التدبير، جوادا، سخيا، عالما‏:‏ بالنحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والفقه، والتصوف، والحديث، وغيرها؛ يشتغل بقراءة صحيح البخاري في الجامع كل سنة؛ وحصل كتبا كثيرة في عدة من الفنون؛ تتلمذ في المعاني والبيان على‏:‏ العلامة‏:‏ عبد الله بن عمر الخليل، وعلى الشيخ‏:‏ عبد الرحمن بن عبد السلام الحاوي، أيام إقامته بزبيد؛ ورحل إلى الحرمين الشريفين، وسمع الحديث عن‏:‏ الشيخ، المجمع على جلالته‏:‏ أحمد الأشبولي المصري؛ وانتدب الشعراء لمدحه بقصائد بديعة، منهم‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ قاسم بن يحيى الأمير - رحمه الله تعالى -‏.‏

 شرف الإسلام‏:‏ إسماعيل بن أحمد الربعي

أخذ هو، وولده‏:‏ القاضي، العلامة‏:‏ محمد بن إسماعيل عن السيد‏:‏ أحمد الأهدل، والشيخ‏:‏ عبد الخالق بن أبي بكر المزجاجي، وأحمد الأشبولي أيام وفوده إلى زبيد‏.‏

ومن تلامذته‏:‏ الشيخ‏:‏ أحمد القاطن، وكان لا يترك كل يوم من كتابة قدر معلوم من كتاب الله، وفوائد، وآداب، ونسخة من العلوم النافعة، حتى اجتمع له مع الدوام من ذلك الشيء الواسع، ولنعم ما قيل‏:‏

فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه

وكان صداعا بالحق، ذا قيام عظيم في إعانة المظلوم، وإغاثة الملهوف، وكان فيه تشيع كثير في كافة أهل بيت النبوي - صلى الله عليه وسلم -‏:‏

وهل يستوي وُدّ المقلد والذي ** له حجة في وده ودلائل

 القاضي، العلامة، عز الإسلام‏:‏ محمد بن إسماعيل ابن أحمد الربعي

كان من أفاضل العلماء، وأماجد الفضلاء تتلمذ على السيد‏:‏ أحمد بن محمد شريف، وعلى المزجاجي، وغيرهما، في علم النحو، والمعاني، والبيان، والحساب، وأصول الدين، والهيئة، والهندسة، والمنطق، وأصول الفقه، والحديث‏.‏

وسمعه على القاضي، العلامة‏:‏ أحمد بن محمد القاطن؛ له‏:‏ مشائخ من الحرمين الشريفين، منهم‏:‏ عطاء المصري، ومحمد بن سليمان الكردي؛ وتصنيف في علم الفروع؛ ولعمري هو حقيق بقول الشاعر‏:‏

لقد حسنت بك الأيام حتى ** كأنك في فم الدهر ابتسام

 سراج الإسلام، السيد أبو بكر بن علي البطاح، الأهدل

جد واجتهد في الترقي إلى اكتساب المعالي، وسهر في تحصيل العلوم الليالي، وكان له ملكة الاستحصال، وملكة الحصول، وملكة الاستنباط على وجه الكمال‏.‏

برع في‏:‏ التفسير، والحديث، والتصوف، والفقه، والآلات، والأصول؛ وصار إماما يرجع إليه في الفروع والأصول؛ وبلغ إلى أن يملي في تحقيق مسألة مؤلفا بلا تكلف؛ ومن هذا الجنس‏:‏ كتابه‏:‏ ‏(‏صلة الموصول، بإيضاح روابط الجمل لابن المقبول‏)‏

وبالجملة‏:‏ فكان البحر الزاخر في جميع العلوم، سيما علم النحو والمنطق، فإنه كان فيهما آية باهرة، ونعمة ظاهرة؛ ومن أعظم شيوخه‏:‏ السيد‏:‏ سليمان بن يحيى مقبول الأهدل - رحمه الله تعالى -‏.‏

 يوسف بن محمد البطاح

العالم الفاضل النحرير أفضل من ** بث العلوم فأروى كل ظمآن

أخذ العلوم العقلية والنقلية عن‏:‏ السيد‏:‏ سليمان الأهدل، ولازمه كثيرا، وعن‏:‏ الجرهزي، والجبيلي، ويوسف بن حسين البطاح، وعن غير هؤلاء، من أهل اليمن والحرمين؛ وهاجر من زبيد إلى الحرمين الشريفين، وتفرغ تفرغا عظيما لنشر ‏(‏3/ 181‏)‏ العلوم، فدرس، وألف، ووقع به النفع - سيما لطلبة العلم اليمانية -‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ ‏(‏إفهام الأفهام، شرح بلوغ المرام‏)‏ في مجلدين؛ و ‏(‏شرح منظومة القواعد‏)‏ للسيد أبي بكر ابن أبي القاسم الأهدل؛ و ‏(‏شرح ربع العبادة من منظومة الزبد‏)‏ في مجلد حافل، أكثر فيه من سرد الأدلة، وذكر الخلاف؛ وله‏:‏ عدة رسائل في أعمال الحج، ألفها لكثرة المسائل الواردة عليه في ذلك، وله‏:‏ ‏(‏تشنيف السمع، بأخبار العصر والجمع‏)‏، قرّظ عليه أهل مكة المكرمة - حرسها الله تعالى -‏.‏

مات شهيدا، في الوباء العام، الواقع في سنة 1242 الهجرية‏.‏

 السيد‏:‏ طاهر بن أحمد الأنباري

فاضل فقيه، وعالم نبيه، حصل العلوم الدرسية، والفنون المتداولة، وبرع فيها، وهو ممن تتلمذ على السيد الأجل‏:‏ سليمان بن يحيى الأهدل، وعلى العلامة‏:‏ داود الجبرتي، العقيلي، الهاشمي؛ وعبد الله بن عمر الخليل؛ والجرهزي؛ والجبيلي؛ وعبد الخالق المزجاجي؛ والقاضي‏:‏ محمد الربعي؛ وغيرهم‏.‏

 الشيخ، العلامة‏:‏ عبد القادر بن خليل كدك

المحدث، الحافظ، المسند، الرحلة، وجيه الإسلام، خطيب المدينة المشرفة؛ وفد إلى مدينة زبيد ناشرا فيها علوم الإسناد إلى خير العباد، بعد أن جال البلاد شرقا وغربا؛ ولقي من المشائخ المسندين الأعلام عالما كثيرا؛ وألف في ذلك كتابه المسمى‏:‏ ‏(‏بالمطرب المعرب، الجامع لأهل المشرق والمغرب‏)‏؛ قال في خطبته‏:‏ وقد ارتحل لطلب الإسناد جمع من السلف والخلف، رحل جابر بن عبد الله إلى مصر، لأجل حديث واحد؛ وكذلك ارتحل أحمد بن حنبل؛ وغيرهما‏.‏

قال‏:‏

ارتحلت إلى مصر، وغزة، والرملة، والقدس، والشام، وآبدين، والروم؛ ونلت ما نلت من ذلك؛ ولما وفد إلى مدينة زبيد، تلقاه علماؤها وأعيانها بالإعزاز والإجلال، وازدحم عليه الأفاضل لأخذ الإجازة منه، فأجازهم؛ وهو الذي استجاز للسيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن مقبول الأهدل، ولجماعة من محدثي زبيد من‏:‏ مسند الشام، الحافظ الكبير‏:‏ محمد بن سالم السفاريني محتدا، الحنبلي مذهبا، الأثري ‏(‏3/ 182‏)‏ معتقدا، القادري مشربا‏.‏

وسفارين‏:‏ قرية من قرى نابلس؛ ثم وفد إلى مدينة صنعاء، وتلقاه أهلها بالتعظيم والتبجيل‏.‏

واستجاز منه جماعة من العلماء والأعيان‏:‏

منهم‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ عبد الله بن محمد الأمير‏.‏

وله‏:‏ مؤلف خاص في ذلك، سماه‏:‏ ‏(‏السر المؤتمن، في شرح الرحلة إلى اليمن‏)‏؛ ثم عاد إلى المدينة المنورة، وتصدى فيها لنشر علوم الإسناد، وإملاء الأحاديث والاجتهاد في هذا الشأن العظيم‏.‏

وكانت وفاته بنابلس‏:‏ من أرض الشام، في ربيع الأول، سنة 1185 الهجرية‏.‏

 صفي الإسلام‏:‏ أحمد بن إدريس المغربي، الحسيني

المتوفى سنة 1253، بمدينة صبيا، وقبره هناك معروف مشهور‏.‏

وفد إلى مدينة زبيد، سنة 1244، ناشرا فيها ما منحه الله من علوم أسرار الكتاب والسنة، وكاشفا من إشاراتهما الباهرة، ولطائفهما الزاهرة، بعبارته الجلية، المشرق عليها نور الإذن الرباني، واللائح عليها أثر القبول الرحماني؛ وازدحم عليه الخاص والعام حينئذ على الاستفادة، وتلقى كل أحد من تلك اللطائف على قدر الاستعداد‏:‏

على قدرك الصهباء تعطيك نشوة ** ولست على قدر السلاف تصابُ

وكان مذهبه‏:‏ ‏(‏ما صح به الحديث‏)‏ كما هي طريقة خلائق من العلماء الأعلام‏:‏

ومذهبي كل ما صح الحديث به ** ولا أبالي بلاح فيه أوزاري

وأجاز أهل زبيد خصوصا، وأهل اليمن عموما، كما وقع نظير ذلك للحافظ‏:‏ ابن حجر العسقلاني، عند قدومه زبيد، ثم توجه إلى بندر الحديدة، وتلقاه أهلها ‏(‏3/ 183‏)‏ بالإعزاز والإكرام، وامتدحه علماء البندر بعدة قصائد، ثم صار إلى صبيا، وكان باقيا فيها إلى سنة 1248، يذكر أيام الله، ويملي من علوم السنة والكتاب، ما يفيد ذوي الدين والألباب، وامتدحه أهل تلك الجهات أيضا بعدة قصائد، منهم‏:‏ المحقق، العلامة‏:‏ عبد الرحمن بن أحمد البهكلي - قاضي بيت الفقيه -؛ وترجم له‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ محمد بن محمد الدئلي - قاضي زبيد - في كراريس‏.‏

 السيد‏:‏ عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر الحسني، الكوكباني

للعلوم الزاخرة، والأحوال الشريفة الفاخرة أخذ العلوم عن‏:‏ الجهابذة من أهل صنعاء، وزبيد، والحرمين الشريفين ومن مشايخه‏:‏ سلطان ذوي الاجتهاد، وعمدة المحدثين النقاد، السيد، الإمام‏:‏ محمد بن إسماعيل، الأمير الصنعاني؛ والشيخان، العلامتان‏:‏ عبد الخالق، ومحمد ابنا علاء الدين المزجاجيان؛ والسيد، الحبر‏:‏ محمد بن الطيب المغربي، الفاسي؛ الآخذ عن‏:‏ أبي الأسرار‏:‏ الحسن بن علي العجيمي؛ والشيخ، المسند‏:‏ محمد إبراهيم الكوراني‏.‏

وله من المشائخ‏:‏ نيف وثلاثون شيخا؛ ومن المؤلفات‏:‏ ما يزيد على أربعين مؤلفا‏.‏

منها‏:‏ ‏(‏حاشية القسطلاني‏)‏ في مجلدين؛ و ‏(‏شرح القاموس‏)‏؛ و ‏(‏شرح نظم فصيح ثعلب‏)‏؛ و ‏(‏حاشية المطول‏)‏ و ‏(‏مختصره‏)‏‏.‏

ومن مشايخه أيضا‏:‏ الشيخ‏:‏ محمد حياة السندي‏.‏

قال القاضي، العلامة - في ترجمته -‏:‏ مظهر السنة النبوية على رؤوس الأشهاد، مبكتا لأهل البدعة في الحاضر والباد، ولقد قام بهذا الواجب أتم قيام، وذب عن سنة جده بين الأنام، وأدخلها إلى آذان الفقهاء المقلدين، وقبلها من له الفهم المكين، والذهن الثمين، وله اليد الطولى في كل فن، والتحقيق الفائق من بين أبناء الزمن‏.‏ انتهى ملخصا‏.‏

وممن تخرج به‏:‏ شيخنا، القاضي، العلامة‏:‏ محمد بن علي الشوكاني؛ والسيد‏:‏ ‏(‏3/ 184‏)‏ إبراهيم، والسيد‏:‏ عبد الله، والسيد‏:‏ قاسم، أولاد أمير المؤمنين، في حديث سيد المرسلين‏:‏ محمد بن إسماعيل الأمير؛ وغيرهم - رحمهم الله تعالى -‏.‏

 السيد المسند، والجليل المعتمد‏:‏ صارم الدين

إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الأمير قال القاضي، العلامة‏:‏ أحمد بن محمد قاطن - في ترجمته -‏:‏ ذو الذهن الوقاد، والفكر المستقل النقاد، الحاوي لخصال الكمال، بأكمل الخلال، الراقي إلى أوج البلاغة في جميع الأحوال، إن وعظ خلته الحسن، وإن خطب أعلن السنن، وأيقظ الوسن، وقلد المنن، وبغض السمن، وجبب الخشن، وضيق العطن، ووسع الحزن، وشجع الجبان، وشبع الجنان، زين الجنان، وشيد الإيمان، يخلط الترهيب بالترغيب، والتبعيد بالتقريب، والوعيد بالوعد، والمطر بالرعد،‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر ما قال‏.‏

وله ولدان‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ علي بن إبراهيم؛ والسيد‏:‏ يوسف بن إبراهيم؛ وكانا على استقامة تامة، من ملازمة الاتباع، وتجنب الابتداع، كما هو طريقة سلفهم الصالح‏.‏

ليس الطريق سوى طريق محمد ** فهو الصراط المستقيم لمن سلك

من يمش في طرقاته فقد اهتدى ** سبل الرشاد ومن يزغ عنها هلك

ومن مؤلفات السيد علي بن إبراهيم‏:‏ ‏(‏تشنيف الآذان، بأسرار الآذان‏)‏؛ و ‏(‏البشائر والصلات، بأسرار الصلوات‏)‏؛ و ‏(‏الفتح الإلهي، لتنبيه اللاهي‏)‏؛ و ‏(‏كتاب السوانح‏)‏ على وزن ‏(‏صيد الخاطر‏)‏ لابن الجوزي؛ وكتاب‏:‏ ‏(‏سوق الشوق، لأهل الذوق، من تحت إلى فوق‏)‏، في شرح حديث‏:‏ ‏(‏إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها‏)‏، وهو مؤلف حافل؛ وله نظم في الدرجة العليا، قد جمعه ولده‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ حسن بن علي في ديوان‏.‏

وأما‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ يوسف، فكان على قدم راسخ في العلوم المأثورة، وله من النظم الرائق الفائق الشيء الواسع‏.‏

وأما‏:‏ أخو السيد إبراهيم بن محمد المذكور، فهو‏:‏ السيد الجليل، والعالم النبيل، ‏(‏3/ 185‏)‏ فخر الإسلام، وزينة الليالي والأيام‏:‏ عبد الله بن محمد بن إسماعيل الأمير‏.‏

وكان من العلماء الأعلام، أحد أئمة العصر، وحامل لواء الفخر، له اليد الطولى في العلوم العقلية والنقلية، وجودة النظر، والنقادة في الأحاديث النبوية، مشتغلا بذلك غاية الاشتغال، حتى نال من العلم الشريف كل منال، ترك التعصبات المذهبية، وأخذ بالسنة المطهرة السنية؛ له شعر، وتواليف؛ صحح كتب والده، وكتب بخطه كثيرا، وعندي من خطه الشريف كتاب‏:‏ ‏(‏سبل السلام، شرح بلوغ المرام‏)‏ وغيره‏.‏

والسيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان الأهدل، ممن تتلمذ له، واستجاز منه، فأجازه، وأيضا تتلمذ على أخيه‏:‏ السيد‏:‏ قاسم، فأجازه لفظا‏.‏

 صفي الإسلام، الشيخ‏:‏ أحمد بن محمد قاطن

كان من أجل الأعلام الأعيان، كبير المقدار، عظيم الشأن، أخذ العلوم العقلية والنقلية من علماء صنعاء وغيرهم، منهم‏:‏

السيد، العلامة، الإمام‏:‏ محمد بن إسماعيل الأمير؛ والعلامة الأوحد‏:‏ زيد بن محمد بن الحسن - شارح‏:‏ الإيجاز في المعاني والبيان -؛ والمحقق‏:‏ هاشم بن يحيى بن محمد الشامي؛ والسيد‏:‏ يحيى بن عمر مقبول الأهدل؛ له منه إجازات وروايات‏.‏

له‏:‏ ‏(‏تحفة الإخوان‏)‏، نظم فيها إسناد صحيح البخاري، وشرحها شرحا عظيما‏.‏

ومن مشائخه‏:‏ محمد حياة المدني السندي؛ والشيخ‏:‏ محمد الدقاق؛ والشيخ‏:‏ سالم بن عبد الله البصري؛ والشيخ‏:‏ محمد بن حسن العجيمي؛ وقد ترجم لهؤلاء المشائخ في ‏(‏تحفة الإخوان‏)‏ المذكورة‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ ‏(‏نفحات العوالي، بالأحاديث العوالي‏)‏؛ و ‏(‏الإعلام، بأسانيد الأعلام‏)‏؛ و ‏(‏وسيلة المستجير، بالله الكبير‏)‏؛ و ‏(‏نزهة الطرف، في أحكام الجار، والمجرور، والظرف‏)‏، وهو شرح عظيم على كتاب‏:‏ ‏(‏العقد الوسيم‏)‏ لشيخه الإمام‏:‏ صلاح الأخفش؛ وله أشعار رائقة، ذكرها في ‏(‏النفس اليماني، والروح الريحاني‏)‏؛ وكان بينه وبين السيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان الأهدل مودة أكيدة، وكان يحرضه على العمل ‏(‏3/ 186‏)‏ بالسنة النبوية، وسلوك الطريق السلفية، وترك العصبية المذهبية، وأخذ السيد منه إجازة له ولأولاده، فكتب الإجازة - رحمه الله تعالى‏.‏

 الشيخ‏:‏ أحمد بن عبد القادر بن بكري العجيلي

أخذ العلوم عن آبائه الكرام، وعن غيرهم من الأعلام، وهم كثيرون‏:‏

منهم‏:‏ الشيخ‏:‏ عبد الخالق المزجاجي، وعمه‏:‏ محمد بن بكري، والسيد‏:‏ إبراهيم بن محمد الأمير، والشيخ‏:‏ إبراهيم الزمزمي - مفتي الشافعية في أم القرى، بروايته عن الشيخ‏:‏ عبد الوهاب بن أحمد الطنطاوي، المصري، مؤلف‏:‏ ‏(‏بذل العسجد، في شيء من أسرار اسم محمد‏)‏‏.‏

وللشيخ أحمد‏:‏ مؤلفات، ورسائل منظومات، ومسائل، يطول ذكرها، منها‏:‏ ‏(‏النفحة القدسية، في وظائف العبودية‏)‏؛ و ‏(‏عقد جواهر اللآل، في مدح الآل‏)‏، وعليه شرح وتقاريظ من جمع جم، منهم‏:‏ السيد الجليل‏:‏ علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق، كتبه بمكة المشرفة، سنة 1230؛ وللسيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان الأهدل منه إجازة في الحديث المسلسل بالأولية؛ وله مناقب وفضائل شهيرة؛ وكان لا يسمع بذي فضيلة في جهة من الجهات إلا وتعرف به، واستطلع حقيقة فضيلته، ومكث على هذه الحالة دهرا طويلا، ثم آثر الخلوة والعزلة، إلى أن انتقل إلى جوار رحمة الله تعالى‏.‏

 الشيخ‏:‏ إبراهيم بن محمد الزمزمي

تصدى في أم القرى للإفتاء والتدريس، على مذهب الإمام‏:‏ محمد بن إدريس، فكان يقرئ فيه ويفيد، ويبدئ ويعيد، ويتكلم في سائر العلوم لفظا، وعلى أصولها وفروعها معنى وحفظا‏.‏

صفاته في العلوم إن ذكرت ** يغار منه النسيب والغزل

تعرف من عينه حقائقها ** كأنه بالعلوم مكتحل

استجيز منه للسيد‏:‏ عبد الرحمن الأهدل، في سنة 1192؛ قال‏:‏ أخذت عن الشيخ‏:‏ عبد الوهاب الطنطاوي، الآمدي؛ وعن المحقق‏:‏ عبد الله النمرسي، عن الشيخ‏:‏ ‏(‏3/ 187‏)‏ عبد الله بن سالم البصري‏.‏

وأما ولده‏:‏ محمد صالح بن الشيخ إبراهيم الزمزمي، فكان خلف أبيه في العلوم والفضائل، منه إجازة للسيد‏:‏ عبد الرحمن الأهدل، ذكر فيها الأمهات الست، وبقية العلوم، مقرونا بسنده العالي عن المشائخ العظام، في سنة 1224، وفيها‏:‏ إن من أعلى أسانيدنا سيدي، العلامة، المحدث، شيخنا‏:‏ صالح بن محمد الفلاني، العمري، المغربي؛ ومن أجل شيوخه الحافظ‏:‏ محمد بن سنة العمري، وهو أيضا‏:‏ شيخ السيد‏:‏ عبد الرحمن الأهدل، كما صرح بذلك في‏:‏ ‏(‏المنهج السوي، حاشية المنهل الروي‏)‏‏.‏

 الشيخ‏:‏ عبد الملك بن عبد المنعم القلعي

مفتي أم القرى، على مذهب الإمام الأعظم؛ كان كنز الذخائر، وبحر العلم الزاخر، استجاز منه السيد‏:‏ عبد الرحمن الأهدل، فأجازه في سنة 1224، وذكر في الإجازة مشائخه من أهل الحرمين، منهم‏:‏ عبد الله بن سالم البصري‏.‏

 سراج الإسلام‏:‏ سالم بن أبي بكر الأنصاري، الكراني

من أجل علماء المدينة المنورة، له‏:‏ ‏(‏حاشية على المنهج القويم‏)‏ لابن حجر الهيتمي، في ستين كراسا؛ وهو ممن تتلمذ على الشيخ‏:‏ محمد بن سليمان الكردي، الآخذ عن الشيخ‏:‏ محمد الدمياطي، والشيخ‏:‏ محمد بن سعيد سنبل المكي، والعلامة‏:‏ أحمد الجوهري، المصري‏.‏

 الشيخ‏:‏ محمد بن سليمان الكردي

ولا تحسب الأكراد أبناء فارس ** ولكنهم أبناء عمرو ابن عامر

تتلمذ على المحقق‏:‏ محمد بن سعيد سنبل - مفتي الشافعية في أم القرى -‏.‏

وأخذ عن الشيخ‏:‏ أحمد النخلي؛ وأجازه‏:‏ عبد الله بن سالم البصري، وعن الشيخ‏:‏ طاهر بن إبراهيم الكوراني‏.‏

وله مؤلفات منها‏:‏ ‏(‏فتح الفتاح بالخير، على يريد معرفة شروط الحج عن الغير‏)‏؛ و ‏(‏الثغر البسام، عن معاني الصور التي تزوج فيها الحكام‏)‏؛ و ‏(‏أزهار الربا، في بيان ‏(‏3/ 188‏)‏ أبواب الربا‏)‏؛ وهو من مشائخ السيد‏:‏ عبد الرحمن الأهدل‏.‏

 السيد‏:‏ عبد الرحمن بن مصطفى العيدروس، باعلوي، المصري

الإمام الكبير، العلم الشهير، أخذ عن‏:‏ والده؛ وعن السيد‏:‏ عبد الرحمن بن عبد الله بافقيه؛ والسيد، العلامة‏:‏ غلام حيدر الحسيني، الهندي؛ والسيد‏:‏ فضل الله بن أ حمد الهندي؛ والحافظ، المسند، الشيخ‏:‏ محمد حياة السندي؛ وغيرهم‏.‏

ومن مؤلفاته‏:‏ ‏(‏بسط العبارة، في شرح ضبط الاستعارة‏)‏، وعليه‏:‏ حاشية للمحقق الحفناوي؛ و ‏(‏قطف الثمر، في شرح المقولات العشر‏)‏؛ و ‏(‏المنهل العذب، في الكلام على الروح والقلب‏)‏‏.‏

أبو الفيض‏:‏ محمد مرتضى بن محمد الحسيني، الواسطي، البلكرامي

نزيل مصر، تقدم ترجمته الشريفة في‏:‏ ‏(‏ذيل علماء اللغة‏)‏ فراجعه؛ وهو صاحب‏:‏ ‏(‏تاج العروس، في شرح القاموس‏)‏؛ وهو من مشائخ السيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان الأهدل‏.‏

 السيد‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل

ينتهي نسبه الشريف إلى‏:‏ موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم -، صاحب كتاب‏:‏ ‏(‏النفس اليماني، والروح الريحاني، في إجارة القضاة بني الشوكاني‏)‏، وهو شيخ شيخنا، الإمام، العلامة، المجتهد، المطلق، الرباني‏:‏ محمد بن علي بن محمد الشوكاني، اليماني، الصنعاني؛ وشيخ أخويه‏:‏ العلامة، صفي الإسلام‏:‏ أحمد، وعماد الإسلام‏:‏ يحيى - رحمهم الله تعالى -؛ ألّف الفقيه، العلامة‏:‏ سعد بن عبد الله سهيل في ترجمته كتابا حافلا، في سنة 1263، سماه‏:‏ ‏(‏فتح الرحمن، في مناقب سيدي عبد الرحمن بن سليمان‏)‏، قال فيه‏:‏ كان - رضي الله عنه - من صدور المقربين، صاحب العلوم الجمة، والفنون الكثيرة، والكرامات الباهرة، والمقامات الفاخرة، تصانيفه‏:‏ دالة على سعة علمه، وغزارة اطلاعه منها‏:‏

‏(‏فتح الولي، في معرفة سلب الولي‏)‏؛ و ‏(‏المنهج السوي، حاشية المنهل ‏(‏3/ 189‏)‏ الروي‏)‏؛ وفيه دلالة على كماله في علم الحديث، وأنه من أجل أئمته‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏فرائد الفوائد، وقلائد الخرائد‏)‏ مجلدان، جمع فيه فأوعى؛ و ‏(‏الروض الوريف، في استخدام الشريف‏)‏؛ و ‏(‏تلقيح الأفهام، في وصايا خير الأنام‏)‏؛ و ‏(‏شرح بلوغ المرام‏)‏، بلغ فيه إلى التيمم، في نحو عشرين كراسا، ولم تساعده القدرة على إتمامه؛ و ‏(‏فتح اللطيف، شرح مقدمة التصريف‏)‏؛ و ‏(‏الجنى الداني، على مقدمة الزنجاني‏)‏؛ و ‏(‏كشف الغطا، عن أسئلة ابن العطا‏)‏؛ و ‏(‏رسالة في البندقة‏)‏؛ و ‏(‏تحفة النساك، في شرب التنباك‏)‏؛‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك، مما لا يحصى كثرة‏.‏

ومن تلامذته‏:‏ شيخنا الشوكاني، ويا له من تلميذ وأستاذ‏!‏‏.‏

ومنهم‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ محمد بن طاهر الأنباري، الملقب‏:‏ بالشافعي الصغير؛ والعارف بالله‏:‏ محمد بن أحمد المشرع؛ وكان في غاية من العبادة - سيما قيام الليل، وتلاوة الكتاب العزيز -، وكان هجّيره هجّير خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وكان حسن الخلق، لين الجانب، قريب التناول، يتصل به كل أحد، يتكلم باللسان العالي في لطائف الأسرار، ويقول‏:‏ ليس العلم بلقلقة اللسان، ولا بطول الإطناب وبديع البيان، ولا في الكراريس الكثيرة، والمجلدات الضخيمة، والأوارق، وإنما العلم ما أفادته الملكة التامة والرسوخ، وكان مما ينفع صاحبه هداية، ويقربه إلى رب العالمين؛ وله أشعار فائقة، وأبيات رائقة، ذكر بعضها في‏:‏ ‏(‏فتح الرحمن‏)‏، وأطال في بيان كلماته الرفيعة الشأن، واعتضدها بنقول العلماء والأعيان، يطول ذكرها في هذا المكان‏.‏

وكانت ولادته في سنة 1179؛ ومرض مرض الموت قريبا من عشرة أيام، وأتاه اليقين في ليلة الثلاثاء الأخيرة، في الحادي والعشرين من شهر رمضان، أحد شهور سنة 1250، وله من العمر إحدى وسبعون سنة؛ وأرخ بعض الفضلاء وفاته بقوله‏:‏ ‏(‏ليهنك الفردوس مفتي الأنام‏)‏‏.‏وله من الأولاد‏:‏ محمد، وعبد الباقي، وسليمان؛ وقد أجازهم وأولادهم، ومن ‏(‏3/ 190‏)‏ سيولدهم، وكافة من أدرك حياته - سيما من وقعت بينه وبينه المعرفة، أو الاستفادة العلمية -، وأولادهم، ومن سيولد لهم، راجيا بذلك الخير الشامل الكثير - إن شاء الله تعالى - وهو من مشايخنا - ولله الحمد -‏.‏

 الشيخ، العارف بالله‏:‏ محمد بن عبد الرحمن

المتقدم ذكره؛ أخلف والده في‏:‏ هديه، وسمته، ودله، وإفتائه، وجميع أحواله المرضية السنية؛ ونفع الله به خلقا كثيرا، إلى أن توفي - رحمه الله - في سنة 1258، وله من العمر ثمانية وأربعون سنة؛ وله من الكرامات والمكاشفات ما لا يحصى؛ وكان غاية في إطلاق اللسان، يكتب الجوابات من غير مراجعة لكتب المذهب لسعة ملكته‏.‏

ولما توفي قام مقامه أخوه‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ عبد الباقي - رحمه الله -‏.‏

السيد‏:‏ محمد بن إبراهيم الوزير بن علي بن المرتضى ابن المفضل الحسني، القاسمي، الهادوي

الإمام، العلامة، والمحدث الأصولي، النحوي، المتكلم، الفقيه، البليغ، الرحلة، الحجة، السني، الصوفي، كان فريد العصر، ونادرة الدهر، خاتمة النقاد، وحامل لواء الإسناد، وبقية أهل الاجتهاد، بلا خلاف وعناد، رأسا في المعقول والمنقول، إماما في الفروع والأصول‏.‏

يقول واصفه في وصفه‏:‏ كشاف أصداف الفرائد، قطاف أزهار الفوائد، فاتح أقفال اللطائف، مانح أنفال الظرائف، مصيب شواكل المشكلات، بنوافذ أنظاره، ومطبق مفاصل المعضلات، بصوارم أفكاره، مضحك كمائم النكت من نوادره، ومفتح أنظار الظرف في موارده ومصادره، عز الدين، محيي سنة سيد المرسلين، فلان الحسني نسبا، على السماك عاليا، والسني مذهبا، إلى الصواب هاديا‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر ما ذكره في ترجمته‏.‏

وبالجملة‏:‏ كان مولده في شهر رجب، سنة 775، في شطب‏:‏ وهو جبل عال باليمن؛ هكذا نقلته من خطه، وحفظته من غيره من الأهل‏.‏

وله مصنفات عديدة، ومجموعات مفيدة، منها‏:‏ كتاب‏:‏ ‏(‏العواصم والقواصم، في الذب عن ‏(‏3/ 191‏)‏ سنة أبي القاسم‏)‏، أربعة أجزاء في الرد على الزيدية، اشتمل من الفوائد على ما لم يشتمل عليه كتاب؛ وكتاب‏:‏ ‏(‏البرهان القاطع، في إثبات الصانع، وجميع ما جاءت به الشرائع‏)‏، ألفه في سنة 801؛ ومختصر جليل في علم الأثر، ألفه بعد اطلاعه على ‏(‏نخبة الفكر‏)‏، سماه‏:‏ ‏(‏تنقيح الأنظار، في علوم الآثار‏)‏، صنفه في آخر سنة 813؛ ومنها‏:‏ ‏(‏الروض الباسم، مختصر‏:‏ العواصم والقواصم‏)‏؛ وكتاب‏:‏ ‏(‏التأديب الملكوتي‏)‏، مختصر فيه العجائب والغرائب؛ وكتاب‏:‏ ‏(‏ا لعزلة‏)‏؛ و ‏(‏قبول البشرى، بالتيسير لليسرى‏)‏؛ وكتاب ‏(‏إيثار الحق على الخلق‏)‏، صنفه في سنة 837‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك؛ - وغالبها عندي موجود، ولله الحمد -؛ وله ديوان شعر، سماه‏:‏ ‏(‏مجمع الحقائق والرقائق، في ممادح رب الخلائق‏)‏، وشرحه سماه‏:‏ ‏(‏بفتح الخالق‏)‏؛ و ‏(‏الحسام المشهور، في الذب عن الإمام المنصور‏)‏‏.‏

وقد ذكر له الحافظ‏:‏ ابن حجر العسقلاني، في كتابه‏:‏ ‏(‏الدرر الكامنة‏)‏ ترجمة حافلة، وأثنى عليه ثناء كثيرا جميلا، لم يثن بمثله أحدا‏.‏

توفي - رحمه الله - في الطاعون الذي وقع في اليمن شهيدا، في سنة 840؛ فكان جملة عمره‏:‏ ستا وستين سنة‏.‏

 السيد، العلامة، بدر الملة النَّيِّر

المؤيَّد بالله‏:‏ محمد ابن الإمام، المتوكل على الله‏:‏ إسماعيل بن صلاح، الأمير، الصنعاني، اليمني

وهو‏:‏ الإمام الكبير، المحدث، الأصولي، المتكلم الشهير؛ قرأ كتب الحديث، وبرع فيها؛ وكان إماما في الزهد والورع، يعتقده العامة والخاصة، ويأتونه بالنذور، فيردها ويقول‏:‏ إن قبولها تقرير لهم على اعتقادهم أنه من الصالحين، وهو يخاف أنه من الهالكين‏.‏

حكى بعض أولاده‏:‏ أنه قرأ - وهو يصلي بالناس صلاة الصبح -‏:‏ ‏(‏هل أتاك حديث الغاشية‏)‏، فبكى وغشي عليه؛ وكان والده‏:‏ ولي الله بلا نزاع، من أكابر الأئمة وأهل الزهد والورع، استوى عنده الذهب والحجر؛ وخلف أولادا هم أعيان العلماء والحكماء، وأعظمهم ولده هذا‏.‏

قال الشيخ أحمد بن عبد القادر الحفظي، الشافعي، - في ذخيرة الآمال، في شرح عقد جواهر اللآل -‏:‏ الإمام، السيد، المجتهد الشهير، المحدث الكبير، السراج المنير‏:‏ محمد ‏(‏3/ 192‏)‏ بن إسماعيل، الأمير، مسند الديار، ومجدد الدين في الأقطار، صنف أكثر من مائة مؤلف، وهو لا ينسب إلى مذهب، بل مذهبه‏:‏ الحديث‏.‏

قال‏:‏ أخذ عن علماء الحرمين، واستجاز منهم، وارتبط بأسانيدهم، وقرأ على الشيخ‏:‏ عبد الخالق بن الزين الزجاجي، والشيخ عليه، واستجاز منه، وأسند عنه، مع تمكنه من علوم الآل، وتأصّله‏.‏ انتهى على ما نقله السيد‏:‏ حامد حسين المعاصر في كتابه‏:‏ ‏(‏عبقات الأنوار، في إمامة الأئمة الأطهار‏)‏‏.‏

ومن شيوخه‏:‏ الشيخ‏:‏ عبد القادر بن علي البدري؛ والشيخ‏:‏ محمد طاهر بن إبراهيم الكردي؛ والشيخ‏:‏ سالم بن عبد الله البصري؛ وغيرهم‏.‏

وتتلمذ عليه أيضا خلق كثير، منهم‏:‏ الشيخ‏:‏ عبد الخالق المزجاجي، الزبيدي؛ وهو أيضا أستاذه - كما تقدم -؛ وأيضا ولده‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ عبد الله بن محمد الأمير، وغيرهما‏.‏

له مصنفات جليلة ممتعة، تنبئ عن سعة علمه، وغزارة اطلاعه على العلوم النقلية والعقلية، وكان ذا علم كبير، ورياسة عالية، وله في النظم اليد الطولى، بلغ رتبة الاجتهاد المطلق، ولم يقلد أحدا من أهل المذاهب، وصار إماما، كاملا، مكملا بنفسه؛ وقد منَّ الله تعالى عليَّ بأكثر مصنفاته، وهي أزيد من أن تذكر‏.‏

منها‏:‏ ‏(‏سبل السلام، شرح بلوغ المرام‏)‏، وهو عندي بخط ولده‏:‏ السيد‏:‏ عبد الله، وفيه خطه الشريف أيضا‏.‏

ومنها‏:‏ ‏(‏منحة الغفار، حاشية ضوء النهار‏)‏؛ و ‏(‏إسبال المطر، على قصب السكر‏)‏ و ‏(‏جمع التشتيت، في شرح أبيات التثبيت‏)‏ و ‏(‏توضيح الأفكار، في شرح تنقيح الأنظار‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك من الرسائل والمسائل التي لا تحصى، وكلها فريدة في بابها، خطيبة في محرابها؛ حجَّ وزار، واستفاد من علماء الحرمين الشريفين، وغيرهم من فضلاء الأمصار، فهو أكرم من أن يصفه مثلي، وقفت له على قصائد بديعة، ونظم رائق، وكان له صولة في الصدع بالحق، واتباع السنة، وترك البدعة، لم ير مثله في هذا الأمر، ‏(‏3/ 193‏)‏ وهو من مشائخي في سند الكتب الحديثة، على ما صرحت به في ‏(‏سلسلة العسجد، من ذكر مشائخ السند‏)‏، وقد ذكرت له ترجمة في كتابي‏:‏ ‏(‏إتحاف النبلاء‏)‏، ونقلها عنه‏:‏ السيد المعاصر‏:‏ حامد حسين في ‏(‏العبقات‏)‏ على تشيعه، فلا نطوِّل الكلام هاهنا بذكر ذلك الإملاء‏.‏

توفي - رحمه الله - في سنة 1182‏.‏

وخرج في زمانه الشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب النجدي، الذي تنسب إليه الطائفة الوهابية، فنظم قصيدة في ذلك، وأرسلها إليه، وأثنى على طريقته، ثم لما سمع أنه يكفِّر أهل الأرض، ويسفك الدماء، رجع عما كان قاله في قصيدته - كما سيأتي ذلك مفصلا، في ترجمة‏:‏ محمد بن عبد الوهاب -، وكان له - رحمه الله - أولاد صلحاء، تقدم تراجمهم في هذا الكتاب، وقد أثنى عليه ولده‏:‏ السيد‏:‏ عبد الله في إجازة كتبها للشيخ، المحدث، شيخنا‏:‏ عبد الحق بن فضل الله المحمدي، الهندي؛ المتوفى بمنى، سنة ألف ومائتين وثمان وثمانين الهجرية القدسية، قال فيه‏:‏

سمع مني حصة من صحيح الإمام البخاري، وقد منَّ الله علي بالمثول بين يدي أئمة السنة النبوية، والسماع منهم للآثار، والأحاديث المصطفوية، منهم‏:‏ والدي، وشيخي، ناصر السنة، مجدد المائة الحادية عشر - رضي الله عنه -‏.‏‏.‏‏.‏ الخ‏.‏

والشيخ‏:‏ عبد الحق المحمدي، قد تتلمذ على شيخ شيوخنا‏:‏ الشوكاني، وكتب له إجازة بخطه الشريف، يقول فيها‏:‏

إني أجزت للشيخ، العلامة، أي‏:‏ الفضل بن عبد الحق بن الشيخ، العلامة‏:‏ محمد فضل الله المحمدي، الهندي - كثر الله تعالى بمنه وكرمه فوائده، ونفع بمعارفه - ما اشتمل عليه هذا الثبت، الذي جمعته وسميته‏:‏ ‏(‏إتحاف الأكابر، بإسناد الدفاتر‏)‏، فَلْيَرْوِ عني ما اشتمل عليه من كتب الإسلام على اختلاف أنواعها، كما يراه فيه، وهو أهل لما هنالك، ولم أشترط عليه شرطا، فهو أجلُّ من ذلك وأعلى؛ حرر يوم الجمعة، بتاريخ 10 جمادى الآخرة، سنة 1238؛ كتبه‏:‏ محمد بن علي الشوكاني‏.‏ انتهى‏.‏ ‏(‏3/ 194‏)‏

وقد أتحفني شيخي عبد الحق، بكتاب شيخه الشوكاني‏:‏ ‏(‏إتحاف الأكابر، بإسناد الدفاتر‏)‏، ولي أسانيد أخرى إلى الشوكاني، كما يلوح من‏:‏ ‏(‏الحطة‏)‏ و ‏(‏إتحاف النبلاء‏)‏، و ‏(‏سلسلة العسجد‏)‏ - ولله الحمد، وله المنة ‏.‏

 الشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب

ابن سليمان بن علي بن أحمد بن راشد بن يزيد بن محمد بن يزيد بن مشرف، صاحب نجد، الذي تنسب إليه الطائفة الوهابية، وهذا هو المعروف من نسبه، ويذكر أنه من مضر، ثم بني تميم‏.‏

ولد سنة 1115، بالعينية‏:‏ من بلاد نجد، ونشأ بها، وقرأ القرآن، وسمع الحديث، أخذ عن أبيه، وهم بيت فقه حنابلة، ثم حج، وقصد المدينة المنورة، ولقي بها شيخا عالما من أهل نجد، اسمه‏:‏ عبد الله بن إبراهيم، قد لقي أبا المواهب البعلي الدمشقي، وأخذ عنه، ثم انتقل مع أبيه إلى جريمل‏:‏ قرية من نجد أيضا، ولما مات أبوه رجع إلى العينية، وأراد نشر الدعوة، فرضي أهلها بذلك، ثم خرج عنها بسبب إلى الدرعية، وأطاعه أميرها‏:‏ محمد بن سعود، من آل مقرن، يذكر أنهم من بني حنيفة، ثم من ربيعة، وهذا في حدود سنة 1206‏.‏

وانتشرت دعوته في‏:‏ نجد، وشرق بلاد العرب، إلى عمان، ولم يخرج عنها إلى الحجاز واليمن، إلا في حدود المائتين والألف‏.‏

وتوفي سنة 1209‏.‏

قال الشيخ، الإمام، العلامة‏:‏ محمد بن ناصر الحازمي، الآخذ عن شيخ الإسلام‏:‏ محمد بن علي الشوكاني‏:‏ هو رجل، عالم، متبع، الغالب عليه في نفسه الاتباع، ورسائله معروفة، وفيها المقبول والمردود، وأشهر ما ينكر عليه خصلتان كبيرتان‏:‏

الأولى‏:‏ تكفير أهل الأرض، بمجرد تلفيقات لا دليل عليها، وقد أنصف ‏(‏3/ 195‏)‏ السيد، الفاضل، العلامة‏:‏ داود بن سليمان في الرد عليه في ذلك‏.‏

الثانية‏:‏ التجاري على سفك الدم المعصوم بلا حجة، ولا إقامة برهان، وتتبع هذه جزئيات، ذكر السيد المذكور بعضها، وترك كثيرا منها، وهي حقيرة تغتفر مع صلاح الأصل وصحته‏.‏ انتهى

وللعلامة، الفاضل‏:‏ حسين بن غنام اليمني قصيدة بديعة، رد فيها على محمد بن فيروز، في قصيدة لم يكفر فيها أهل نجد، ويحث الناس على قتالهم، فأجاب عليه بالقصيدة المذكورة، أولها‏:‏

على وجهها الموسوم بالشؤم قد خطّا ** عروس هوى ممقوتة زارت الشطا

وللإمام، العلامة‏:‏ عبد الله بن عيسى بن محمد الصنعاني كتاب، سماه‏:‏ ‏(‏السيف الهندي، في إبانة طريقة الشيخ النجدي‏)‏، ألفه في سنة 1218، قال فيه‏:‏

كان مبتدأ أمره في بضع وستين ومائة وألف، خرج محمد بن عبد الوهاب الحنبلي، فنزل بمحلة الشيخ‏:‏ عبد العزيز النجدي، وكان أهل تلك المحلة قوم أعراب، مضيِّعين لأركان الإسلام، وهؤلاء أهل اليمامة، فلما حل الشيخ‏:‏ محمد - المذكور -، ما زال يدعوهم إلى التوحيد، ويعلمهم الشرائع من الصلاة، والصيام، وغير ذلك، والشيخ‏:‏ عبد العزيز بن محمد النجدي‏:‏ أول من تابعه، وأسلم على يديه‏.‏

ثم لما تم للشيخ ابن عبد الوهاب ما أراد في تلك القرى المجاورة للدرعية‏:‏ وهي قرية الشيخ‏:‏ عبد العزيز، واجتمع على الإسلام معه عصابة قوية، صاروا ‏(‏3/ 196‏)‏ يدعون من حولهم من القرى بالرغبة والرهبة، ويقاتلون من حولهم من الأعراب‏.‏

ثم لما تمكن في قلوبهم الإسلام - وهم عرب أغنام -، قرر لهم‏:‏ أن دعا من غير الله، أو توسل بنبي، أو ملك، أو عالم، فإنه مشرك، شاء أو أبى، اعتقد ذلك أم لا‏.‏

وتعدى ذلك إلى تكفير جمهور المسلمين، وقد قاتلهم بهذا الوجه الذي أبداه؛ وقد وقفت على رسالة لهم في هذا الشأن، وقد كان المولى، العلامة، السيد‏:‏ محمد بن إسماعيل الأمير، بلغه من أحوال هذا النجدي ما سرّه، فقال قصيدته المشهورة‏:‏

سلام على نجد ومن حل في نجد ** وإن كان تسليمي على البعد لا يجُدي

ثم لما تحقق الأحوال من بعض من وصل إلى اليمن، وجد الأمر غير صاف عن الإدغال، وقال‏:‏

رجعت عن القول الذي قلت في النجد ** فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي

ونقلت من خط العلامة، وجيه الإسلام‏:‏ عبد القادر ابن أحمد بن الناصر، ما صورته في ذي القعدة، سنة 1170، سنة وصل إلينا الشيخ، الفاضل‏:‏ مربد بن أحمد بن عمر التميمي، النجدي، الجريملي‏:‏ نسبة إلى جريمل‏:‏ بلد قرب سدوس، أول بلاد اليمامة من جهة الغرب؛ وكان وصوله إلى اليمن لطلب تحقيق مسألة، جرت بينه وبين الشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب، في تكفير من دعا الأولياء، والشيخ يكفر من فعل ذلك، ومن شك في كفره، ويجاهد من خالفه؛ وكان سبب وصوله إلى اليمن‏:‏ أنه سمع قصيدة لشيخنا، السيد، العلامة‏:‏ محمد بن إسماعيل الأمير، كتبها إلى الشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب، وللشيخ‏:‏ مربد، عليها جواب صغير، ولم يكن يتعاطى فيها الشعر قط، فهذا كلام إمام ذلك الزمان، في تحقيق مذهب الشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب النجدي، من قبل أن يولد أكثر هذه الطبقة، التي نحن فيها‏.‏ انتهى حاصله‏.‏

ثم رد في هذه الرسالة عليه بعض عقائده ومسائله‏:‏ ‏(‏3/ 197‏)‏

وأما السيد، العلامة‏:‏ محمد بن إسماعيل الأمير، فعبارته في شرح قصيدة مذكورة له، الموسوم‏:‏ ‏(‏بمحو الحوبة، في شرح أبيات التوبة‏)‏، لما بلغت هذه الأبيات نجدا، يعني القصيدة الأولى، وصل إلينا بعد أعوام من بلوغها، رجل عالم يسمى‏:‏ الشيخ‏:‏ مربد بن أحمد التميمي، وكان وصوله في شهر صفر، سنة 1170، وأقام لدينا ثمانية أشهر، وحصل بعض كتب شيخ الإسلام‏:‏ ابن تيمية، والحافظ‏:‏ ابن القيم بخطه، وفارقنا في عشرين من شوال 1120، راجعا إلى وطنه، وكان من تلاميذ الشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب، الذي وجهنا إليه الأبيات، فأخبرنا ببلوغها، ولم يأت بجواب عنها، وكان قد تقدمه في الوصول إلينا بعد بلوغها الشيخ، الفاضل‏:‏ عبد الرحمن النجدي، ووصف لنا من حال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرها عليه من‏:‏ سفك الدماء، ونهبه الأموال، وتجاربه على قتل النفوس، ولو بالاغتيال، وتكفيره الأمة المحمدية في جميع الأقطار، فبقي معنا تردد فيما نقله الشيخ‏:‏ عبد الرحمن، حتى وصل الشيخ‏:‏ مربد؛ وله نباهة، ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في‏:‏ وجه تكفير أهل الإيمان، وقتلهم، ونهبهم، وحقق لنا أحواله، وأفعاله، وأقواله؛ فرأينا أحواله أحوال رجل عرف من الشريعة شطرا، ولم يمعن النظر، ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية، ويدله على العلوم النافعة، ويفقهه فيها، بل طالع بعضا من مؤلفات الشيخ‏:‏ أبي العباس ابن تيمية، ومؤلفات تلميذه‏:‏ ابن القيم الجوزية، وقلدهما من غير إتقان، مع أنهما يحرمان التقليد‏.‏

ولما حقق لنا أحواله، ورأينا في الرسائل أقواله، وذكر لي أنه‏:‏ إنما عظم شأنه بوصول الأبيات التي وجهناها إليه، وأنه يتعين علينا نقض ما قدمناه، وحلُّ ما أبرمناه؛ وكانت هذه الأبيات قد طارت كل مطار، وبلغت غالب الأقطار، وأتتنا فيها جوابات من مكة - المشرفة -، ومن البصرة، وغيرهما، إلا أنها جوابات خالية عن الإنصاف؛ ولما أخذ علينا الشيخ‏:‏ مربد ذلك، تعين علينا لئلا نكون سببا في شيء من هذه الأمور، التي ارتكبها ابن عبد الوهاب - المذكور -، كتبت أبياتا، وشرحتها ‏(‏3/ 198‏)‏، وأكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه، لأنهما عمدة الحنابلة‏.‏ انتهى كلام السيد - رحمه الله تعالى -‏.‏

وقد وقفت على هذا الشرح، وهو عندي موجود، ألفه السيد المؤلف، في سنة 1170، ثم وقفت لهذا العهد على كتاب‏:‏ ‏(‏رد المحتار، وحاشية الدر المختار‏)‏، للسيد‏:‏ محمد أمين بن عمر، المعروف‏:‏ بابن العابدين، بمصر حالا، وكان في سنة 1249، ما لفظه‏:‏

كما وقع في زماننا في أتباع ابن عبد الوهاب، الذي خرجوا من نجد، وتغلبوا على الحرمين، وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون، وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة، وقتل علمائهم، حتى كسر الله شوكتهم، وخرب بلادهم، وظفر بهم عساكر المسلمين، عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف‏.‏ انتهى‏.‏

هذا وقد وقفت على رسائل للشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب، منها‏:‏ ‏(‏كتاب النبذة، في معرفة الدين، الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة، والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار‏)‏ و‏(‏كتاب التوحيد‏)‏ المشتمل على مسائل من هذا الباب، أوله‏:‏ قول الله - عز وجل -‏:‏ ‏(‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏)‏ وليس لهذا الكتاب ديباجة، بل يذكر فيه الآيات والأحاديث، ثم يقول فيه مسائل؛ و كتاب في مسائل خالف فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عليه أهل الجاهلية، من أهل الكتاب، وغيرهم، وهو مختصر في نحو كراسة‏.‏

وكتاب ‏(‏كشف الشبهات في بيان التوحيد وما يخالفه والرد على المشركين‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏أربع قواعد من قواعد الدين‏)‏، في نحو ورقة‏.‏ وكتاب ‏(‏الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر‏)‏‏.‏

و‏:‏ ‏(‏كتاب في تفسير شهادة‏:‏ أن لا إله إلا الله‏)‏‏.‏

وكتاب‏:‏ ‏(‏تفسير سورة الفاتحة‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏في معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه‏)‏‏.‏ ‏(‏3/ 199‏)‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏في بيان التوجه في الصلاة‏)‏ ورسالة‏:‏ ‏(‏في معنى‏:‏ الكلمة الطيبة‏)‏ أيضا‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏في تحريم التقليد‏)‏‏.‏

وهذا جل ما وقفت عليه من تواليفه إلى الآن، وفيها ما يقبل ويرد، وعلى كتابه ‏(‏التوحيد‏)‏ شرح مبسوط مفيد، للشيخ، العالم، العلامة، مفتي الديار النجدية‏:‏ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، حفيد المؤلف، سماه‏:‏ ‏(‏فتح المجيد، لشرح كتاب التوحيد‏)‏، ولقبه‏:‏ ‏(‏قرة عين الموحدين، في تحقيق دعوة المرسلين‏)‏‏.‏

ذكر فيه أنه تصدى لشرحه حفيده‏:‏ الشيخ‏:‏ سليمان بن عبد الله، فوضع عليه شرحا، أجاد فيه وأفاد، وأبرز فيه من البيان، ما يجب أن يطلب منه ويراد، وسماه‏:‏ ‏(‏تيسير العزيز الحميد، في شرح كتاب التوحيد‏)‏؛ ولما قرأت شرحه، رأيته أطنب في مواضع، وفي بعضها تكرار، يستغنى بالبعض منه عن الكل، ولم يكمله، فأخذت في تهذيبه، وتقريبه، وتكميله، وربما أدخلت فيه بعض النقول المستحسنة، تتميما للفائدة، وسميته‏:‏ ‏(‏فتح المجيد، لشرح كتاب التوحيد‏)‏‏.‏

ولأتباعه أيضا رسائل، منها‏:‏

‏(‏الرسالة الدينية، في معنى الإلهية‏)‏، للشيخ‏:‏ عبد العزيز بن محمد بن سعود، قال فيها‏:‏ من عبد العزيز إلى من يراه من العلماء والقضاة في الحرمين الشريفين، والشام، ومصر، والعراق، وسائر علماء الغرب والشرق، سلام عليكم ورحمة الله بركاته، أما بعد‏.‏‏.‏‏.‏ الخ

ولما أراد الثويني - وهو رئيس بدوان العراق - أن يقدم على سعود بن عبد العزيز - المذكور -، وقدم عليه في جيش عظيم، فتلقاه رجل يقال له‏:‏ طعيس، فقتله، وأغار سعود على جيشه، فأخذهم، وغنمهم، فقال الشيخ، العلامة‏:‏ حسين بن غنام يهنيه بذلك‏:‏

تلألأ نور الحق وانصدع الفجر ** وديجور ليل الشرك مزقه الظهر

وشمس الأماني أشرقت في سعودها ** ولاح بأفق السعد نجمه الزهر

وهي قصيدة طويلة حسنة، ألفها في سنة 1217‏.‏ثم وقفت بعد ذلك كله في ‏(‏3/ 200‏)‏ سنة 1285، حين السفر، إلى الحرمين الشريفين، على رسالة للشيخ، العالم‏:‏ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - إمام الوهابية - ذكر فيها ما لفظه‏:‏

وبعد، فإنا معاشر موحدون لما منَّ الله علينا، وله الحمد بدخول مكة المشرفة، نصف النهار، يوم السبت، ثامن شهر المحرم، سنة 1218، بعد أن طلب أشراف مكة، وعلماؤها، وكافة العامة، من أمير الغزو‏:‏ سعود - حماه الله -، وقد كان أمراء الحج، وأمير مكة، على القتال والإقامة في الحرم، ليصدوه عن البيت، فلما زحفت أجناد الموحدين، ألقى الله الرعب في قلوبهم، فتفرقوا شذر مذر، كل واحد يعد الإياب غنيمة، وبذل الأمير الأمان لمن بالحرم الشريف، ودخلنا بالتلبية آمنين، محلقين رؤوسنا، ومقصرين، غير خائفين من أحد من المخلوقين، بل من مالك يوم الدين‏.‏‏.‏‏.‏ إلى قوله‏:‏ ولما تمت عمرتنا، جمعنا الناس ضحوة الأحد، وعرض الأمير - عافاه الله - على العلماء ما نطلب من الناس ونقاتلهم عليه، قال‏:‏ ثم دفعت إليهم الرسائل المؤلفة للشيخ‏:‏ محمد في التوحيد، واختصر من ذلك رسالة للعوام‏.‏ انتهى‏.‏

وفي هذه الرسالة، أنكر كثيرا مما ينسب إليه من المسائل والأقوال المخالفة لصحاح الكتب، وللشيخ، المحدث، العلامة‏:‏ محمد بن ناصر الحازمي‏:‏ رسالة في المشاجرة مع أهل مكة المشرفة، في المسائل التي اختلف فيها الوهابية وغيرهم، أنصف في هذه الرسالة غاية الإنصاف، وأتى بما يقضي منه العجب العجاب، وله‏:‏ - رحمه الله تعالى - رسالة أخرى في إثبات الصفات، قال في مطاويها‏:‏ قد بينا فيما تقدم عقيدة شيخ الإسلام‏:‏ محمد بن عبد الوهاب، وإن عقيدته وعقيدة أتباعه هي عقيدة السلف الماضيين، من الصحابة، والتابعين، وسائر أئمة الدين‏.‏ انتهى‏.‏

وقال فيها، في موضع آخر‏:‏ إن هذا الاعتقاد الذي حكيناه، عن‏:‏ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه - يعني‏:‏ في آيات الصفات، وإجرائها على الظاهر - هو الاعتقاد والحق الذي دل عليه الكتاب، والسنة، وكلام الصحابة، وسائر الأمة‏.‏‏.‏‏.‏ إلى آخر ما ذكره‏.‏

وبالجملة‏:‏ فالشيخ‏:‏ محمد بن عبد الوهاب ممن اختلف فيه اعتقاد الناس، ‏(‏3/ 201‏)‏ فمنهم‏:‏ من أثنى عليه في كل ما قاله، ووضعه، ونشره، ودعا إليه، وقاتل عليه، وانتصر له، وافتخر بالانتساب إليه، وإلى طريقته‏.‏

ومنهم‏:‏ من أساء الظن به كل الظن، ورد عليه كل نقير وقطمير اختاره وذهب إليه، وكفَّره، وبدَّعه‏.‏

ومنهم‏:‏ من سلك سبيل الإنصاف، وترك - خشية الله تعالى - القولَ باعتساف، فقبل من أقواله ما كان صوابا، وردّ ما خالف منها سنة وكتابا؛ ولعمري هذا هو الطريق السوي، والصراط المستوي، وهو الذي درج عليه أئمة الأمة، وسلفها، عند اختلاف الناس، وتنازعهم في الدين، وقضوا بذلك، وبه كانوا يعدلون بين المسلمين، ومن حاد عن طريقهم، وشذ عن فريقهم، فهو على شفا حفرة من النار، ولا عبرة بالعامة، بل ولا بالخاصة، في نصرة من أحبوه، وحط من أبغضوه، لأن ذلك دأب أكثر الناس، في غالب الأمصار والأعصار، إلا من عصمه الله، ووفقه للنصفة والاعتبار، - والله أعلم بالصواب -‏.‏

 محمد بن علي بن محمد الشوكاني

شيخنا، الإمام، العلامة الرباني، والسهيل الطالع، من القطر اليماني، إمام الأئمة، ومفتي الأمة، بحر العلوم، وشمس الفهوم، سند المجتهدين الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، فريد العصر، نادر الدهر، شيخ الإسلام، قدوة الأنام، علامة الزمان، ترجمان الحديث والقرآن، علم الزهاد، أوحد العباد، قامع المبتدعين، آخر المجتهدين، رأس الموحدين، تاج المتبعين، صاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها، قاضي الجماعة، شيخ الرواية والسماعة، عالي الإسناد، السابق في ميدان الاجتهاد، على الأكابر الأمجاد، المطلع على حقائق الشريعة ومواردها، العارف بغوامضها ومقاصدها‏.‏

قال القاضي، العلامة‏:‏ عبد الرحمن بن أحمد البهكلي، في كتابه‏:‏ ‏(‏نفح العود، في أيام الشريف حمود‏)‏‏:‏ كان مولد شيخنا الشوكاني، يوم الإثنين، الثامن والعشرين من ذي قعدة الحرام، سنة اثنتين وسبعين بعد مائة وألف - كما أخبرني بذلك - في بلده‏:‏ ‏(‏3/ 202‏)‏ هجرة شوكان، ونشأ على العفاف، والطهارة، وما زال يجمع النشأ، ويحرز المكرمات، له قراءة على والده، ولازم إمام الفروع في زمانه القاضي‏:‏ أحمد بن محمد الحرازي، وانتفع به في الفقه‏.‏

وأخذ النحو والصرف عن السيد، العلامة‏:‏ إسماعيل بن حسن، والعلامة‏:‏ عبد الله بن إسماعيل النهمي، والعلامة‏:‏ القاسم بن محمد الخولاني؛ وأخذ علم البيان، والمنطق، والأصلين، عن العلامة‏:‏ حسن بن محمد المغربي، والعلامة‏:‏ علي بن هادي عرهب؛ ولازم في كثير من العلوم مجدد زمانه، السيد‏:‏ عبد القادر بن أحمد الحسني، الكوكباني‏.‏

وأخذ في علم الحديث عن الحافظ‏:‏ علي بن إبراهيم بن عامر، وغير ذلك من المشائخ، في جميع العلوم العقلية والنقلية، حتى أحرز جميع المعارف، واتفق على تحقيقه المخالف والموالف، وصار مشارا إليه في علوم الاجتهاد بالبنان، والمجلي في معرفة غوامض الشريعة عند الرهان‏.‏

له المؤلفات في أغلب العلوم‏:‏

ومنها‏:‏ كتاب‏:‏ ‏(‏نيل الأوطار، من أسرار منتقى الأخبار‏)‏ لجد ابن تيمية - رحمه الله -، في أربع مجلدات كبار، لم تكتحل عين الزمان بمثله في التحقيق، أعطى فيه المسائل حقها، في كل بحث، على طريق الإنصاف، وعدم التقيد بمذهب الأسلاف، وتناقله عنه مشائخه فمن دونهم، وطار في الآفاق في حياته، وقرئ عليه مرارا، وانتفع به العلماء، وكان يقول‏:‏ إنه لم يرض عن شيء من مؤلفاته سواه، لما هو عليه من التحرير البليغ، وكان تأليفه في أيام مشائخه، فنبهوه على مواضع منه، حتى تحرر‏.‏

وله التفسير الكبير، المسمى‏:‏ ‏(‏فتح القدير، الجامع بين فني الرواية والدراية من التفسير‏)‏، وقد سبقه إلى التأليف في الجمع بين الرواية والدراية، العلامة‏:‏ محمد بن يحيى بن بهران، فله تفسير في ذلك عظيم، لكن تفسير شيخنا أبسط، وأجمع، وأحسن ترتيبا وترصيفا؛ وقد ذكر الحافظ السيوطي في ‏(‏الإتقان‏)‏‏:‏ أنه جعله مقدمة لتفسيرٍ جامعٍ للدراية والرواية، سماه‏:‏ ‏(‏مطلع البدرين، ومجمع البحرين‏)‏‏.‏ ‏(‏3/ 203‏)‏

وله‏:‏ مختصر في الفقه، على مقتضى الدليل، سماه‏:‏ ‏(‏الدرر البهية، في المسائل الفقهية‏)‏ وشرحه شرحا نافعا، سماه‏:‏ ‏(‏الدراري المضيئة‏)‏ أورد فيه الأدلة التي بنى عليها ذلك المؤلف‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏وبل الغمام، حاشية على شفاء الأوام‏)‏ للأمير‏:‏ حسين بن محمد الإمام‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏در السحابة، في مناقب القرابة والصحابة‏)‏‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏الفوائد المجموعة، في الأحاديث الموضوعة‏)‏‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏إرشاد الفحول، إلى تحقيق الحق من علم الأصول‏)‏ يعز نظيره، وترصيفه، وحسن ترتيبه، وتصنيفه‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏السيل الجرار، المتدفق على حدائق الأزهار‏)‏، كان تأليفه في آخر مدته، ولم يؤلف بعده شيئا - فيما أعلم -، وقد تكلم فيه على عيون من المسائل، وصحح من المشروع ما هو مقيد بالدلائل، وزيَّف ما لم يكن عليه دليل، وحسَّن العبارة في الرد والتعليل‏.‏

والسبب في ذلك‏:‏ أنه نشأ في زمنه جماعة من المقلدة، الجامدين على التعصب في الأصول والفروع، ولم تزل المصاولة والمقاولة بينه وبينهم دائرة، ولم يزالوا ينددون عليه في المباحث، من غير حجة، فجعل كلامه في ذلك الشرح في الحقيقة موجها إليهم، في التنفير عن التقليد المذموم، وإيقاظهم إلى النظر في الدليل، لأنه يرى تحريم التقليد؛ وقد ألف في ذلك رسالة، سماها‏:‏ ‏(‏القول المفيد، في حكم التقليد‏)‏، وقد تحاماه لما حواه جماعة من علماء الوقت، وأرسل إليه أهل جهته بسببه سهام اللوم، والمقت، وثارت من أجل ذلك فتنة في صنعاء بين‏:‏ من هو مقلد، وبين من هو مقتد بالدليل، توهما من المقلدين، أنه ما أراد إلا هدم مذهب أهل البيت، لأن الإزهار هو عمدتهم في هذه الأعصار، وعليه في عبادتهم والمعاملة على المدار، وحاشاه من التعصب على من أوجب الله تعالى محبتهم، وجعل أجر نبينا - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ الرسالة مودتهم، لأن له الولاء التام لهم، وقد نشر محاسنهم في مؤلفه‏:‏ ‏(‏در السحابة‏)‏ بما لم تخالج بعده ريبة لمرتاب؛ على أن كلامه مع الجميع من أهل ‏(‏3/ 204‏)‏ المذاهب سواء بسواء، لأن المأخذ واحد، والرد واحد، والخطب يسير، والخلاف في المسائل العلمية الظنية سهل، لأنها مطارح أنظاره، والاجتهاد يدخلها، والمصيب من المجتهدين في ذلك له أجران، والمخطي له أجر، وهذا شأن أهل العلم في كل زمان ومكان، ما بين راد ومردود عليه، وكل مأخوذ من قوله ومتروك، إلا صاحب العصمة عليه - أفضل الصلاة والتسليم -‏.‏ومن طالع الكتب الإسلامية في الفروع والأصول، على اختلاف أنواعها، عرف ذلك، وهان عليه سلوك هذه المسالك، ومن وزن الأمور بالإنصاف، لا تخفى عليه الحقيقة، ومن جمد على التقليد، وضاق عطنه عن مدارك الاستدلال، فما له والاعتراض على المجتهدين، ولا ينبغي أن يضائق المجتهد في اجتهاده، لأجل توقفه في موقفه الذي هو‏:‏ التقليد، وقد تفضل الله عليه بالاجتهاد، والتقليد لا يجوز إلا لغير المجتهد، والاجتهاد غير متعذر، ومن اعترض على المجتهد فيما أدى إليه اجتهاده، فقد تحجَّر الواسع، وجرى على خلاف نهج السلف، من أهل العلم‏.‏

نعم أنا قد حبرت مقاصد ‏(‏السيل الجرار‏)‏، في مؤلف سميته‏:‏ ‏(‏نزهة الأبصار‏)‏، وهو واف بالمقصود من إيراد تلك الأدلة، من غير تعرض لما يقع به بسط الألسنة من الناس؛ وللمترجم له‏:‏ تاريخ حافل، سماه‏:‏ ‏(‏البدر الطالع، بمحاسن من بعد القرن السابع‏)‏، جرى فيه من ذلك الوقت إلى زمانه‏.‏

وابتدأ فيه بذكر عابد اليمن‏:‏ إبراهيم الولي المشهور، وله جملة رسائل من مطولات ومختصرات، وقد جمعت فتاواه، ورسائله، فجاءت في مجلدين، وسماها ابنه العلامة‏:‏ علي بن محمد‏:‏ ‏(‏بالفتح الرباني‏)‏، وله في الأدب اليد الطولى، وله أشعار كثيرة مدونة، قد رتبها ابنه المذكور على حروف المعجم، فجاءت في ديوان، وقد أخذت عنه في كثير من الفنون العلمية، وأخذت عنه غالب مؤلفاته، وبموته أُطفئ على أهل اليمن مصباحهم المنير، ولا أظن يرون مثله في تحقيقه للعلوم والتحرير، وقد جرت بيني وبينه مكاتبة أدبية، ومراسلة لمسائل علمية، هي عندي مثبتة بخطه‏.‏ ‏(‏3/ 205‏)‏

وعلى الجملة‏:‏ فما رأى مثل نفسه، ولا رأى من رأى مثله، علما، وورعا، وقياما بالحق، بقوة جنان، وسلاطة لسان‏.‏

وقد أفرد ترجمته تلميذه، الأديب‏:‏ محمد بن حسن الجني، الذفاري، بمؤلف قصره على ذكر مشائخه، وتلامذته، وسيرته، وما انطوت عليه شمائله، وما قاله من شعر، وما قيل فيه، جاء في مجلد ضخم‏.‏

وكانت وفاته في شهر جمادى الآخرة، في سنة خمسين بعد المائتين والألف، وقد كان توفي قبله بمدة يسيرة ابنه، العلامة‏:‏ علي بن محمد، وهو أحد محققي العلماء، وممن لازم والده في جميع المعارف، حتى بلغ ذروة العلوم تحقيقا، وتدقيقا، وقد شاركته في الأخذ على والده في كثير من مقروءاته، وقد كنت قلت في والده مراثي، لولا الإطالة لذكرتها‏.‏ انتهى كلامه - رحمه الله تعالى - بلفظه، ومعناه، مع التلخيص‏.‏

قلت‏:‏ ووجدت على ظهر كتابه‏:‏ ‏(‏الدراري المضية‏)‏ أن مولده - رضي الله عنه - كان عام سبع وسبعين ومائة وألف، وقلد ولاية القضاء من جهة الإمام‏:‏ المنصور بالله علي بن العباس، في أوائل شهر شعبان سنة 1229، وتوفاه الله تعالى، يوم الأربعاء، في السادس والعشرين من جمادى الآخرة، من شهور سنة 1250، وكان بين وفاته ووفاة ولده‏:‏ علي بن محمد نحو شهر، وكان قد توفاه الله قبله، ولم يظهر والده جزعا، ولا حزنا، وكان ولدا صالحا، عالما، مبرزا في جميع العلوم، وكان نادرة وقته على صغر سنه، قيل‏:‏ إنه توفي وهو في حدود العشرين - رحم الله الجميع برحمته -، ثم ذكر له تصانيف عددها‏:‏ ثلاثة وخمسون كتابا، سماها بأسمائها‏.‏

قال السيد، الجليل، العلامة‏:‏ عبد الرحمن بن سليمان ابن يحيى بن عمر مقبول الأهدل - رحمه الله - في كتابه المسمى‏:‏ ‏(‏بالنفس اليماني، والروح الريحاني‏)‏ في إجازة قضاة بني الشوكاني ما عبارته‏:‏

وممن تخرج بسيدي، الإمام‏:‏ عبد القادر بن أحمد الحسني، إمام عصرنا في سائر العلوم، وخطيب دهرنا في إيضاح دقائق المنطوق والمفهوم، الحافظ، المسند، الحجة، ‏(‏3/ 206‏)‏ الهادي، في إيضاح السنن النبوية، إلى المحجة، عز الإسلام‏:‏ محمد بن علي الشوكاني، - بلغه الله في الدارين أقصى الأماني-‏:‏

إن هز أقلامه يوما ليعلمها ** أنساك كل كمي هز عامله

وإن أقر على رقٍّ أنامله ** أقر بالرق كتّاب الأنام له

ولقد منح رب العالمين من بحر فضله الواسع، هذا القاضي الإمام، ثلاثة أمور، لا أعلم أنها في هذا الزمان الأخير، جمعت لغيره‏:‏

الأول‏:‏ سعة التبحر في العلوم على اختلاف أجناسها، وأنواعها، وأصنافها‏.‏

الثاني‏:‏ سعة التلاميذ المحققين، والنبلاء المدققين، أولي الأفهام الخارقة، والفضائل الفائقة، الحقيق أن ينشد عند حضور جمعهم الغفير، ومشاهدة غوصهم على جواهر المعاني، التي استخراجها من بحر الحقائق غير يسير‏:‏

إني إذا حضرتني ألف محبرة ** تقول‏:‏ أخبرني هذا وحدثني

صاحت بعقوتها الأقلام ناطقة‏:‏ ** هذي المكارم لا قعبان من لبن

الثالث‏:‏ سعة التأليف المحررة، والرسائل والجوابات المحبرة، التي تسامى في كثرتها الجهابذة الفحول، وبلغ من تنقيحها وتحقيقها كل غاية وسُول، وقد ذكر لي بعض المعتمدين مؤلفاته الحاصلة الآن‏:‏ مائة وأربعة عشر مؤلفا، عدد سور كتاب الله تعالى، قد شاعت في الأمصار الشاسعة، فضلا عن القريبة، ووقع بها غاية الانتفاع، والله عز وجل المسؤول، أن يبارك للإسلام والمسلمين في أوقاته، وأن يمتع بحياته، آمين، ثم آمين‏:‏

كلنا عالم بأنك فينا ** نعمة ساعدت بها الأقدار

فوقت نفسك النفوس من بشر ** وزيدت في عمرك الأعمار

وقد اعتنى بشرح مناقبه وفضائله، عدة من العلماء والأعلام، والجهابذة الفخام، منهم‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ إبراهيم بن عبد الله الحوثي‏.‏ ‏(‏3/ 207‏)‏

ومنهم‏:‏ بعض علماء كوكبان، عظماء القدر، كبراء الشأن‏.‏

ومنهم‏:‏ السيد، العلامة‏:‏ محمد بن محمد الديلمي‏.‏ومنهم‏:‏ القاضي، العلامة‏:‏ محمد بن حسن الجني، الذماري، في كتاب حافل، سماه‏:‏ ‏(‏التقصار، في جيد زمن علاّمة الأمصار‏)‏‏.‏

ومنهم‏:‏ الحبر العلامة، والبحر الفهامة، لطف الله جحاف‏.‏

وبالجملة‏:‏ فمحل القول في هذا الإمام ذو سعة، فإن وجدت لسانا قائلا، فقل‏:‏

زد في العلا مهما تشا رفعة ** وليصنع الحاسد ما يصنع

فالدهر نحوي كما ينبغي ** يدري الذي يخفض أو يرفع

والله المسؤول أن يزيده مما أولاه، وأن يصلح لكل منا آخره وأُولاه، فضلا من رب العالمين، وكرما منه - سبحانه -، اللهم آمين‏.‏ انتهى كلامه - رحمه الله -‏.‏

وللمترجم له كتاب‏:‏ ‏(‏إتحاف الكابر، بإسناد الدفاتر‏)‏، ذكر فيه مشائخه الأعلام، وأسماء كتبه المقروءة، والمسموعة، ومروياته على التمام، فمن شاء الزيادة فعليه بالكتاب المذكور، فإن النظر فيه يقضي العجب العجاب، وهذا الذي ذكرناه في هذا الكتاب، قطرة من بحر فضائله، التي لا تحصى، وذرة من وادي فواضله، التي لا تستقصى، تشهد بذلك مؤلفاته، وتنطق به مصنفاته - والله يختص برحمته من يشاء -، وهو الذاب عن شريعة الإسلام باللسان والقلم، والمناضل عن الدين النبوي، وكم أبدى الحكم‏!‏ ولا عبرة بمن يرميه بما ليس فيه، أو ينسبه بمجرد الهوى لقول غير وجيه، فلم يضره قول الطاعن عن الحاسد، والباغي الجاحد‏:‏

وما ضر نور الشمس إن كان ناظرا ** إليها عيون لم تزل دهرها عميا

غير أن الحسد يحمل صاحبه على اتباع هواه، وأن يتكلم فيمن يحسده و بما يلقاه، وما أحقه بقول القائل‏:‏

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا علمه ** فالقوم أعداء له وخصوم ‏(‏3/ 208‏)‏

فالله تعالى هو المسؤول أن يقينا شرور نفوسنا، وحصائد ألسنتنا، بمنه وفضله؛ وقد روي عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - أنه قال‏:‏ كان الناس ورقا لا شوك فيه، فصاروا اليوم شوكا لا ورق فيه؛ فهذا زمان أبي ذر، فما ذاك من زماننا وبأشراره‏؟‏‏!‏ ‏:‏

إن يسمعوا الخير أخفوه وإن سمعوا ** شرا أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا

فالمناسب جمع الخاطر عن علماء الوقت، ورفع الهمة عنهم، والقناعة بمن مضى من علماء السنة المطهرة، واقتصار النظر في كتبهم المحققة‏.‏

هذا وله - رحمه الله تعالى - مؤلفات مفيدة، في فنون عديدة، والتي وقفت عليها، وهي عندي موجودة أيضا، كثيرة جدا، غير ما ذكر‏.‏

منها‏:‏ ‏(‏كتاب آداب الطلب، ومنتهى الأدب‏)‏‏.‏

و‏(‏الفوائد المجموعة، في الأحاديث الموضوعة‏)‏‏.‏

و‏(‏إتحاف الأكابر، بإسناد الدفاتر‏)‏‏.‏

و‏(‏تحفة الذاكرين، شرح عدة الحصن الحصين‏)‏‏.‏

و‏(‏إرشاد الثقات، إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات‏)‏ ردا على موسى بن ميمون الأندلسي، اليهودي، في ظاهر المستند، والزنديق في باطن المعتقد‏.‏

و‏(‏الطود المنيف، في الانتصاف للسعد على الشريف‏)‏ في المسألة المشهورة، التي تنازعا فيها بين يدي تيمورلنك‏.‏

و‏(‏شفاء العلل، في زيادة الثمن لمجرد الأجل‏)‏‏.‏

و‏(‏شرح الصدور، في تحريم رفع القبور‏)‏‏.‏

و‏(‏طيب النشر، في المسائل العشر‏)‏ جواب على القاضي‏:‏ عبد الرحمن‏.‏

ورسالة‏:‏ أجاب بها على الشريف‏:‏ إبراهيم بن أحمد ابن إسحاق‏.‏

ومنها‏:‏ ‏(‏الصوارم الهندية، المسلولة على الرياض الندية‏)‏، لإبطال قول من أوجب غسل الفرجين‏.‏ورسالة‏:‏ في اختلاف العلماء في تقدير النعاس‏.‏ ‏(‏3/ 209‏)‏

ورسالة‏:‏ في الرد على القائل بوجوب التحية‏.‏

و ‏(‏القول الصادق، في حكم الإمام الفاسق‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ في حد السفر، الذي يجب معه قصر الصلاة‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏تشنيف السمع، بإبطال أدلة الجمع‏)‏‏.‏

و ‏(‏الرسالة المكملة، في أدلة البسملة‏)‏‏.‏

و ‏(‏إطلاع أرباب الكمال، على ما في رسالة الجلال، في الهلال من الاختلال‏)‏‏.‏

ومنها‏:‏ رسالة‏:‏ في الطلاق البدعي يقع أم لا‏؟‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏الطلاق لا يتبع الطلاق‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ في إرضاع الكبير، هل يقتضي التحريم، أم لا‏؟‏

و رسالة‏:‏ ‏(‏تنبيه ذوي الحجا، على حكم بيع الرجا‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏القول المحرر، في لبس المعصفر، وسائر أنواع الأحمر‏)‏‏.‏

و ‏(‏عقود الزبرجد، في جيد مسائلا علاّمة ضمد‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏إبطال دعوى الإجماع، على تحريم السماع‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏زهر النسرين، في حديث المعمرين، الفائح بفضائل العمرين‏)‏‏.‏

و ‏(‏إتحاف المهرة، في الكلام على حديث‏:‏ لا عدوى ولا طيرة‏)‏‏.‏

و ‏(‏عقود الجمان، في بيان حدود البلدان‏)‏‏.‏

وأخرى سماها‏:‏ ‏(‏إرشاد الأعيان، إلى تصحيح ما في عقود الجمان‏)‏، ردا على السيد، العلامة‏:‏ حسين بن يحيى الديلمي‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏حل الإشكال، في أجياد اليهود على التقاط الأزبال‏)‏، وأخرى‏:‏ ردا على مناقضها السيد، العلامة‏:‏ عبد الله بن عيسى بن محمد الكوكباني، التي سماها‏:‏ ‏(‏إرسال المقال، على إزالة حل الإشكال‏)‏، فرد شيخ الإسلام على تعقبه‏:‏ ‏(‏بتفويق النبال، إلى إرشاد المقال‏)‏‏.‏

و رسالة‏:‏ ‏(‏البغية، في مسألة الرؤية‏)‏‏.‏ ‏(‏3/ 210‏)‏

و‏(‏التشكيك، على التفكيك‏)‏‏.‏

و ‏(‏إرشاد الغبي، إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏رفع الجناح، عن نافي المباح، هل هو مأمور به أم لا‏؟‏‏)‏‏.‏

و ‏(‏العقد الثمين، في إثبات وصاية أمير المؤمنين‏)‏‏.‏

و ‏(‏القول المقبول، في رد خبر المجهول، من غير صحابة الرسول‏)‏‏.‏

و ‏(‏جواب السائل، في جواب‏:‏ والقمر قدرناه منازل‏)‏‏.‏

و ‏(‏أمنية المتشوق، إلى معرفة حكم المنطق‏)‏‏.‏

و ‏(‏إرشاد المستفيد، إلى دفع كلام ابن دقيق العيد، في الإطلاق والتقييد‏)‏‏.‏

و ‏(‏البحث الملم، المتعلق بقوله تعالى‏:‏ إلا من ظُلم‏)‏‏.‏

و ‏(‏البحث المسفر، عن تحريم كل مسكر‏)‏‏.‏

وله‏:‏ ‏(‏الدواء العاجل، لدفع العدو الصائل‏)‏‏.‏

ورسالة عجيبة‏:‏ ‏(‏في رفع المظالم والمآثم‏)‏‏.‏

و ‏(‏الدرر النضيد، في إخلاص كلمة التوحيد‏)‏‏.‏

و ‏(‏رسالة في وجوب التوحيد‏)‏‏.‏

و ‏(‏المقالة الفاخرة، في اتفاق الشرائع على الدار الآخرة‏)‏‏.‏

و ‏(‏نزهة الأحداق، في علم الاشتقاق‏)‏‏.‏

و ‏(‏رفع الريبة، فيما يجوز ولا يجوز من الغيبة‏)‏‏.‏

و ‏(‏تحرير الدلائل، على مقدار ما يجوز بين الإمام والمؤتم، من الارتفاع والانخفاض، والبعد والحائل‏)‏‏.‏

و ‏(‏كشف الأستار، عن حكم الشفعة بالجوار‏)‏‏.‏

و ‏(‏إشراق النيرين، في بيان الحكم‏:‏ إذا تخلف عن الوعد أحد الخصمين‏)‏‏.‏

و ‏(‏رسالة التسعير‏)‏‏.‏

وكتاب‏:‏ ‏(‏نثر الجوهر، في شرح حديث أبي ذر‏)‏‏.‏ ‏(‏3/ 211‏)‏

ورسالة‏:‏ في التحلي بالذهب للرجال‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏منحة المنان، في أجرة القاضي والسجان‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ في مسائل العول‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏تنبيه الأمثال، على عدم جواز الاستعانة من خالص المال‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ في الاتصال بالسلاطين‏.‏

و ‏(‏قطر الولي، في معرفة الولي‏)‏‏.‏

و ‏(‏التوضيح، في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر، والدجال، والمسيح‏)‏‏.‏

ورسالة‏:‏ ‏(‏جيد النقد، في عبارة الكشاف، والسعد‏)‏‏.‏

و ‏(‏بغية المستفيد، في الرد على من أنكر الاجتهاد من أهل التقليد‏)‏‏.‏

و ‏(‏الروض الوسيع، في الدليل المنيع، على عدم انحصار علم البديع‏)‏‏.‏

و ‏(‏فتح الخلاق، في جواب مسائل عبد الرزاق‏)‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى غير ذلك‏.‏

وأما الأبحاث التي اشتمل عليها كتابه‏:‏ ‏(‏الفتح الرباني‏)‏ وغيره، فهي كثيرة جدا، لا يسعها هذا المقام‏.‏

وكل بحث منها‏:‏ كالرسالة في بابه، وقد وقفت على أكثرها - بحمد الله تعالى -، وانتفعت به نفعا عظيما، صلح به قلبي وجسدي، - وبالله التوفيق، وهو المستعان ‏.‏

 الشيخ، العلامة، القاضي‏:‏ حسين بن محسن الأنصاري

ابن محمد بن مهدي بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد بن عمر بن محمد بن حسين ابن إبراهيم بن إدريس بن تقي الدين بن سبيع بن عامر ابن غبشة بن ثعلبة بن غبشة بن عوف بن مالك بن عمر بن كعب بن الخزرج بن قيس بن سعد بن عبادة ابن دلهم بن حارثة بن خزام بن خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الخزرجي الأنصاري‏.‏

كانت ولادة شيخنا‏:‏ الحسين، في شهر جمادى الأولى، سنة 1245؛ ولما بلغ ثلاث عشرة سنة من العمر، توجه إلى قرية المراوعة، لتحصيل طلب العلم على يد شيخه، ومربيه، شرف الإسلام، وحسنة الليالي والأيام، ذي المنهج ‏(‏3/ 212‏)‏ الأعدل، السيد‏:‏ حسن بن عبد الباري الأهدل، فأقام بها ثمان سنين، مشتغلا بالطلب في التفسير، والحديث، والنحو، والفقه على شيخه الموصوف، وحصلت له منه الإجازة والإسناد، كما ذلك معروف ومشهور، وأخذ أيضا على أخيه، وشقيقه الكبير، القاضي، العلامة‏:‏ محمد بن محسن الأنصاري، فقرأ عليه صحيح البخاري قراءة بحث وتحقيق، من أوله إلى آخره، وفي كثير من علوم الحديث، والفقه، والفرائض، وغيرها؛ والشيخ‏:‏ محمد بن محسن - المذكور - من الآخذين على شيخه السيد‏:‏ حسن بن عبد الباري أيضا، وحصلت للشيخ‏:‏ حسين - المذكور - الإجازة العامة، وأيضا الملاقاة بشيخه، القاضي، العلامة‏:‏ أحمد بن محمد بن علي الشوكاني، في بندر الحديدة، وأجازه إجازة عامة، بجميع مروياته ومسموعاته؛ وبشيخه، الإمام، العلامة، الشريف‏:‏ محمد بن ناصر الحازمي بمكة المشرفة، في سنوات عديدة، وقرأ عليه الأمهات الست، قراءة بحث وتحقيق، ومسند الدارمي؛ وأوائل الشيخ‏:‏ محمد سعيد سنبل المدني، وشمائل الإمام الترمذي، وإجازة بجميع مروياته ومسموعاته إجازة عامة - كما هي موجودة بخطه الشريف -‏.‏

ورحل إلى مدينة بيدر، وأخذ بها على شيخه، السيد، العلامة‏:‏ نفيس الدين، سليمان بن محمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل - مفتي مدينة زبيد حالا، عافاه الله تعالى -، وقرأ عليه أوائل الأمهات، وحصل له الإجازة منه، بجميع مروياته ومسموعاته - كما هي موجودة بخطه الشريف -‏.‏

هذا، والشيخ‏:‏ حسين بن محسن، شيخنا في العلوم الحديثة، أخذت عليه أكثر الأمهات الست، وغيرها، وأجازني بها إجازة عامة تامة - كما هي موجودة عندنا بخطه الشريف - مكتوبة في‏:‏ ‏(‏سلسلة العسجد، في ذكر مشائخ السند‏)‏، وقرأ عليه أيضا‏:‏ ‏(‏ثمرة الفؤاد، ونخبة المراد‏)‏ الولد نور الحسن - بارك الله له وعليه -، وفيه الكتب الحديثة، وحصل له منه الإجازة، بجميع مروياته ومسموعاته، وكتب له الإجازة بخطه ‏(‏3/ 213‏)‏ الشريف، وكم له من تلامذة في بلدتنا بهوبال المحمية‏!‏ وهو الغنيمة الكبرى للطالبين، والنعمة العظمى للراحلين‏.‏

كان فيما مضى قاضيا ببلدة اللحية‏:‏ من بلاد اليمن، وهو في الحال نزيل بهوبال، ومدرس المدرسة الرياسية، يدرس، ويفيد‏.‏

له علم نافع، وعمل صالح، وفكرة صحيحة، وهمة في إشاعة علم الحديث رفيعة، ولقاء مبارك، جاءنا بمؤلفات علماء اليمن الميمون، وأمطر علينا نفائس الكتب كالغيث الهتون، كم قد ذهب في طلب كتب الحديث لنا إلى أرض الحجاز وغيرها‏!‏ ورجع من هناك برسائل نفيسة، ومجاميع عزيزة، وكتب الشروح، والمتون، ودواوين العلوم، على الحقيقة دون المجاز - أحسن الله إليه، كما أحسن إلي، وتفضل علي -، وقد بذلنا في تحصيل هذه الكتب وتلك الصحف، مالا جما، وجمعناها على يده من بلاد شتى‏:‏ نحو صنعاء، وزبيد، وأبي عريش، واليمن، والحديدة، والبصرة، ومصر، والحرمين الشريفين، وهو - عافاه الله تعالى - صرف همته العليا في إشاعة مؤلفاتنا أيضا، حتى بلغ بها إلى أقصى اليمن، وأبلغها إلى الأماكن البعيدة، سوى ما سارت بها الركبان إلى بلاد الله تعالى، من هذه البلدة، ومن مكة المشرفة - ولله الحمد، كل الحمد والمنة -‏.‏